• ×

د.عبدالرحمن الدهش

خطبة الجمعة 26-09-1432هـ

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  2.3K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه وسلم تسليمًا كثيرًا .. أما بعــد .. فإن شهركم أذن بالرحيل بعد أن كان مستقلاً منتظراً يعد الإنسان له العدة ويرى أن بينه وبينه أمداً ومدة أتكرون دخول الشهر كأنه بالأمس فما هي إلا أيام تقظت وليال تقلبت حتى حل شهر الصيام ضيفاً كريماً على من أنعم الله عليه بالإيمان فعرق قدر الصيام والقيام وها هو يودعكم في آخر جمعة لكم في هذا الشهر يودعكم بما أودعكم من الأعمال يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار فهنيئاً لمن كان شهره شاهداً له عند ربه بحسن الصيام وتمام القيام وويل ، ويل لمن كان شاهداً عليه بسوء صنيعه شاكيه إلى ربه تفريطاً فيه وتضييعه فيا أيها الناس لم يبق من رمضان إلا قليل فما أسرع أيامه قضيتموها بطمأنينة وأمان وتيسير من الله وإحسان لم يثقلكم طول نهار ولا شدة حر فاشكروا نعمة الله عليكم ، أشكرو الله تعالى بإحسان الختام ، أحسنوا خاتمتكم ، واعلموا أن الله تعالى كمل لكم فضلكم فشرع لكم في آخر شهركم أمور ثلاثاً ، شرعها لكم ربكم زيادة في حسناتكم ورفعة في درجاتكم فأولها زكاة الفطر يقول عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين .متفق عليه ، فأدوها رحمكم الله من طعام ألادميين أدوها صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم والذي يزن كيلوين ونصف تقريباً ولا تخرجوها من غير الطعام فلا يجوز أخراج ثياب ولا الأمتعة بل ولا يجوز إخراج قيمتها من النقود على ما رجحه علماؤنا وإن كان أنفع للفقراء في بادئ الرأي لأنه ما حدده الشرع وجب الوقوف عنده والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أنا وقت إخراجها الأفضل أن تخرج في صباح يوم العيد قبل خروج الناس إلى الصلاة لما رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ويجوز للإنسان أن يؤديها قبل العيد بيوم أو يومين أما تأخيرها عن الصلاة ، تأخيرها عن صلاة العيد فلا يجوز إلا من عذر لما روى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) رواده أبو داوود وصححه الحاكم ، ثم إن زكاة الفطر تدفع للمساكين من بلاد المسلمين ويجوز أن يوزع الفطرة الواحدة على أكثر من مسكين كما يجوز أن يعطى الفطرة المتعددة مسكين واحد ومن أعطى فطرة وهو من أهلها فقد ملكها ، له أن يأكلها وله أن يبيعها ، له أن يخرجها فطرة عن نفسه أو عن أحد أفراد عائلته ومن لم يعرف الفقراء ليعطيهم فليسأل واعلموا أن جمعية البر وكذلك إخوانكم في المستودع الخيري يستقبلونها منكم في مواقعهم المعدة ويعينونكم في إيصالها إلى مستحقيها ، أيها ألأخوة الأمر الثاني مما يشرع في ختام هذا الشهر هو التكبير فيكبر المسلم من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد لقوله تعالى ( ولتكثروا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون وهذه أيها ألأخوة ، هذه لأمر الله سنة مهجورة ، هجرها كثير من المسلمين فأحيوها كبروا رحمكم الله إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته ولشكر نعمته كبروا وقولوا : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، ثالث الأمور : مما يشرع في ختام هذا الشهر صلاة العيد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها أمنة ذكوراً وإناثاً وذهب جمع من المحققين إلى وجوبهما على الأعيان ويأثم من تخلف عنها من غير عذر ، ذهب إلى هذا شيخ الإسلام وذهب إليه الشيخ السعدي وغيرهما من كبار المحققين وإنه مما يؤسف له : تساهل كثير من المسلمين في حضور صلاة العيد حيث يسهرون ليلة العيد ثم ينامون عن صلاة العيد وربما ضيعوا معها صلاة الفجر يوم العيد فيكونون ممن ختم الله طاعته بمعصية نعوذ بالله من الخذلان ليحذر المسلم ، ليحذر أن تخرج نساء لصلاة العيد متبرجات أو متطيبات تقول أم عطية رضي الله عنها : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج من الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات القدور فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الغير ودعوة المسلمين ) متفق عليه . أيها الأخ المبارك : قبل أن تخرج لصلاة العيد لا تنسى سنة النبي صلى الله عليه وسلم فمن السنة أن يأكل الإنسان قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر تمرات وتراً وأن يخرج ماشياً إن تيسر له متجملاً مبتهجاً مؤملاً الخير من ربه والقبول لعمله وسوف تكون إقامة صلاة العيد إن شاء الله في الساعة السادسة في مصلى العيد في مصلى الملك عبدالله شرق حي المروج المصلى الجديد ، وفي مصلى الحمراء وفي مصلى العيد الغربي ، وفي الجوامع المعلنة ومنها هذا الجامع فاستعينوا بالله سبحانه وتعالى على طاعته واحرصوا على مرضاته ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم . الخطبة الثانية : الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا أما بعد: فإن ما بقى لكم من شهركم ، بقيت ليلة سبع وعشرين وتسع وعشرين وهما ليلتان ترجى فيهما ليلة القدر ،بقيت لكم أيام من أنفس أيامه ولياليه ، والأعمال بالخواتيم ، فأنت ــ يا عبد الله ــ في فرصة من فرص العمر على الإنسان يصيب فيها نفحة من نفحات الله ، يسعد بها في الدنيا والآخرة فيا من يرجوا ما عند الله تعالى ، هل تستطيع ا، تجعل في ساعات أيامك القليلة الباقية رجوعاً وتوبة نصوحاً تكسب فيها رضا الله وتلتحق بالصالحين ، وأنت أدرى بذنبك من غيرك ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) رزقني الله وإياكم توبة صادقة . وأنتم معاشر الصوام ، تعبدوا إلى الله بلزوم بيوتكم في الليالي الباقية حفظاً لأوقاتكم وتفادياً للزحام الذي امتلأت به ألأسواق ، ومنعاً للذين يتسللون لواذاً من مرضى القلوب مستغلين نشوة العيد وفرحة الناس بقدومه ثم يعاد القول فيقال : يا رجال الحسبة ، يا رجال الهيئة استعينوا بالله على واجبكم ، واحتسبوا هذه الليالي الفاضلة في دفع الشر والأخذ على يدي العابثين وقد يفوق أجر أحدكم أجر المصلين في مساجدهم والقارئين من مصاحفهم والمعتكفين في خلواتهم ، فأنتم تقومون بواجب الكفاية ، وغيركم يقوم بنوافل العبادة ، على أن إنكار المنكر في الأسواق واجب على كل مسلم ، فكل مسلم رجل هيئة ، المشتري والبائع والمار في طريقه ، كل عليه قسط من ذلك ، فاستعينوا بالله عز وجل وتواصوا بالبر والتقوى . وأنت يا من تتبع النظرة بالنظرة ، هل نسيت أن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، هل نسيت وأنت تقلب عينيك باختيارك أنه سيأتي يوم تتقلب عينيك فيه بغير اختيارك ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ألا فاتق الله في نفسك ، واستح من خالقك ، فالناس في مساجدهم ركعاً سجداً ، وأنت فيما أنت فيه ، اتق الله تعالى ، وما لا ترضاه لأهلك لا ترضاه لنساء المسلمين ، جعلنا الله من المتعاونين على البر والتقوى . اللهم إنا نسألك أن تحسن خاتمتنا في الأمور كلها ، اللهم اختم لنا شهر رمضان برضوانك والعتق من نيرانك ، اللهم إنا نسألك أن تهيأ لنا من أمرنا رشدا ، وأن تيسرنا لليسرى .



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:19 صباحًا الجمعة 17 أكتوبر 1445.