• ×

د.عبدالرحمن الدهش

خطبة الجمعة 18-3-1433هـ بعنوان عزة المسلم

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  11.9K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله

أما بعد:-

في أخبار عمر الفاروق (رضي الله عنه) عمر الشموخ والعزة قصة قصيرة ولكنها درس وعظة، وتنبيه وموعظة خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعه أبو عبيدة الصحابي الجليل أحد العشرة المبشرين بالجنة، خرجوا حتى أتوا على مخاضة ماء وعمر على ناقة له فنـزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها الماء .

فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا ما يسرني!

وكيف لو أن أهل الشام رأوك ؟

فقال عمر: أوه! لو قال ذاك غيرك يا أبا عبيدة لجعلته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.

وقفة عظيمة ومشهد من مشاهد العزة فمن يعي هذا ؟

والله تعالى يقول (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)

أيها الإخوة في زمن ضعف الأمة والركون إلى الدنيا والاطمئنان بها يتفنن الناس في لبس ثوب المذلة فمنهم تبلغ ثوب مذلته إلى كعبيه ومنهم إلى حقويه ومنهم من تلجمه الذلة إلجاماً .

ومنهم من تغرقه المذلة فهو يصارعها ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه .

فيصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم (يصبح الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم .

فاستمسكوا رحمكم بدينكم واعلموا أن الله خلقنا لعبادته، وجعلنا خير أمة أخرجت لعباده (كنتم خير أمة أخرجت للناس) .

واختارنا بحكمته، واجتبانا بعلمه (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج)

وسمانا مسلمين لأننا سالمون من عقوبته ما أطعنا أمره، (هو سماكم المسلمين)

ويسلم الناس من شرنا ولن يصلهم إلا خيرنا (والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).

والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، وأعراضهم.

وفي زمن العزة والقوة يدخل ربعي بن عامر إلى إيوان كسرى، معتمداً على رمحه، ويقف في عزة وشموخ قائلاً: جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .

ما أعظم النازلة حينما يند عن صف المسلمين من كان منهم، وحينما يتخلى عن قبلتهم، وقد كان يصلي معهم، وتنفس هواءهم، وأغتبط بخيرهم، وسماه أهله بأسماء أجداده تعظيماً لذكرهم، وتخليداً لمجدهم، ثم يعلنها (لكم دينكم ولي دين) بم نعزي أنفسنا ؟

وبأي شيء نتسلى عن مصيبتنا ؟

أعظم عزاء قول الله تعالى (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا)

(إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم) .

(استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون)

ثم الحكمة تقتضي أن نعيد النظر في رأس مالنا، ونجرد حساباتنا، ونتفقد أبناءنا وبناتنا، لأن الصف قد اخترق، والوحدة والثوابت بدأ يعبث بها .

أيها الموفقون: فتن يرقق بعضها بعضها .

انفتح الناس بعضهم على بعض وعقدت اللقاءات وقرب بعيد العالم، وأصبح الناس يرد بعضهم على بعض من كل فج عميق، وتواصلوا وكل في مكانه، وتباحثوا وتبادلوا أفكارا وكل في قعر داره، وهذا من فتوحات العصر ومن نعم الله على عباده لو أنها شكرت.

ولذا لا بد من وقفات على عجل.

فليس كل كاتب في صحيفة أو موقع يستحق أن يشاد به، وليس كل الكاتبين في التويتر أو غيره من مواقع التواصل أهل لأن تقرأ تغريداتُهم فضلاً عن أن يعتقد صحتها .

ومع تحذيرنا من قراءة هذه إلا أن الله جعل في كتابة كثير من هؤلاء مسحت رداءة في الأسبلوب فهي كلمات بعضها إلى بعض جمعت مع عجمة الفكرة عجمة العبارة ثم زعموا أنها رمزية وإشارة تغني عن عبارة .

فمن التغريدات ما ليس مصدره العصافير، وإنما هو نهيق الحمير وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير .

إذن ماذا تقرأ يابني، وأنت يا بنية ماذا تقرؤن من التغريدات وفي أيها سجلت اسمك وقيدت إعجابك !!

وعليه تنبه وليس كل كاتب سود صحائف في كتاب أخرجه يستحق أن يقتنى كتابه، فضلاً أن توضع له منصة ليوقع على كتابه، فتمكينه من التوقيع هو إيقاع وتغرير بالنشء حينما يقدم التوافه على أنهم رموز في حياتنا الفكرية وكتاباتنا الأدبية.

ناهيك عن التصوير معهم وكتابة الذكريات منهم .

حينما يمنع كاتب من الكتابة يبرز سؤال العريض من الذي أذن بالكتابة قبل ذلك ما هي أفكاره وما هي أطروحاته التي أهلته للكتابة .

بل السؤال ما هو معيار الإذن لمن أراد الكتابة في صحفنا؟!

هل معياره في شكله، وهندامه وصفة شعره، ووضع يده على خده أو ذقنه يحاكي صورة فليسوف ملحد أعجبه، أو مارق سلب عقله مظهرا للناس أنه يتأمل في فكره، أو يصوغ لهم خاطرة .

ومن يضمن هذه الفكرة أو الخاطرة التي تتمخض، أخشى أن تولد فتصف متطاولا على ربه أو رسوله بأنه مبدع فمن يرقع هذه الفكرة !

أو أنه لن يقف مكتوف الأيدي وسوف يدافع عن حرية تعبير منشق، ولن تعجزه التخريجات .

أجل أيها الإخوة: أصحاب الباطل ينافح بعضهم عن بعض حتى يشغلوا الناس بمنافحتهم لأن عندهم مثل بضاعتهم فان راجت تلك البضاعة أخرجوا بضاعتهم

(يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا)

فلم يعد يجدي فيهم وازع القرآن، فعندما يقرأ عليهم وازع القرآن ينظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا ؟

(ومنهم من يستمع إليك سماعاً لا ينفعهم حتى إذا خرجوا من عندك قالوا ماذا قال آنفا)

فما بقي إلا وازع السلطان فهو الذي يخيفهم لأنهم أرباب دنيا وقد جعل الله سياسة الدنيا إلى من ولاه أمر عباده فهو الذي يرعبهم ويرعب ذويهم ليأخذوا على يد سفهائهم، ويقولوا نحن في ستر الله فلا تفضحنا وتسود وجوهنا بتقليعه لا تحسب لها حساباً، أو يؤزك إليها كتبة الشياطين أو شياطين الكتبة صالحة بالوجهين -

وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .

وفق الله ولاة أمورنا لكل خير، وشكر مسعاكم في جهودهم في رد سفه السفهاء، وتطاول البغضاء.

ولا بد من التواصل مع ولاة الأمر فصوتك مسموع وشكايتك تبلغ !



الحمد لله رب العالمين . أما بعد :-

فحينما يتخلى المسلمون عن دينهم تنكسر شوكتهم وتنحي ظهورهم، فيركبهم عدوهم، ويسوسهم أبغض الناس إليهم، وأفجرهم في رعاية حقوقهم .

وفي القرآن مثل ومدكر لما تخلى بنو إسرائيل عن طاعة ربهم وأهلكتهم الذنوب، وجاهروا بالمعاصي، ونافحوا عن المفسدين، وعدم فيهم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، أو أقصي سلط عليهم الملوك الظلمة (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين)

سنة ماضية .

المتأمل في حال الأمة الإسلامية يرى أثر ذنوبها بدأت تعمل عملها، وتأثير بعدها عن ربها آخذ في النهش فيها .

فجور السلطان وتسلط الظالمين لم يأت بغتة من المقادير، وفجأة في التدابير كيف والله تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم) .

ولكن ماذا بعد ذلك ؟

إن الله عز وجل جعل لكل شيء سبباً تقع على إثره أمور تسوؤهم تمحيصاً وابتلاء، وجعل لهذا التمحيص والابتلاء أسباباً تدفع بها قوارع النوازل (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا)

(فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون)

هذه سنن الله في عباده (ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلا)

فلم يجعل الله قداسة لشعب ولا لأمة فتظن أنها بمنأى عن عقوبته لم يجعل لهم قداسة إلا يقدسوا أنفسهم بطاعة الله، وينجوا بها عن مساخطه (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء) .

معاشر الذين رضوا بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبياً تطعن الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر في خاصرتها من أعداء كثر يهود ونصارى ومشركين، وتطعن من خلفها من أعداء يزعمون الإسلام، وماهم بمسلمين سلم منهم اليهود والنصارى وسائر أعداء المسلمين ولم تسلم منهم شعوبهم المسلمة بل إن سيوفهم أشد وأنكى في رقاب المسلمين (لا يرقبون في مؤمن إلا ولاذمة) .

هذا هو واقعهم الذين تشهدونه عبر وسائل الإعلام فيما يقوم به النظام السوري البعثي الرافضي في قوم عزل على مسمع من العالم ومتابعة فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وإن نصرتهم بالإقبال على الله، وترك معاصيه من أوجب الواجب والمسلمون أمة واحدة فيدفع الله عنها بالعمل الصالح وكثرة العبادة والدعاء


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:18 مساءً الخميس 18 سبتمبر 1445.