• ×

د.عبدالرحمن الدهش

خطبة الجمعة 14-5-1433هـ بعنوان الإبتلاء بالبنات

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  2.8K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

 

الحمد لله جعل القوامة من الرجال على النساء , وهي أمانة لا يقوم بها إلا الأمناء, ومن كانوا في إيمانهم أقوياء . وأشهد ألا إله إلا الله أمر بالتقوى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأنبياء وإمام الحنفاء صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على دربهم مشى و بهديهم اهتدى . أما بعد :- فإن مما به العبد يختبر و يبتلى ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها عن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال (( من أبتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار )) فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم أمر البنات ابتلاء يبتلى به العبد فإن أحسن إليهن تربية ً وتعليماً ونفقةً وسترهن وألبسهن لباس التقوى حساً ومعنى فإنهن يكن له ستراً يقينه دخول النار . فلا تشائم جاهلي بولادة البنات، أو كثرتهن كيف وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أبا الأربع بنات زينب ورقية وأم كلثوم وقد توفين في حياته ثم فاطمة تأخرت بعده بستة أشهر وهي سيدة نساء أهل الجنة وعلى قدر ما ورد في فضل رعاية البنات تعظم المسؤولية في التفريط في حقهن والتساهل في أداء الأمانة تجاههن (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ألا وإن من أعظم ما يتعلق بالمسؤولية تجاه البنات بل وغيرهن من الأخوات وسائر القريبات اللاتي لك عليهن ولاية أو وصاية إنها مسؤولية التزويج والنظر في حال الخطاب والسؤال عن الكفء ولا تعجب إذا علمت أن من أكبر أسباب فشل الزواج وتفرق البيت بعد الاجتماع هو التساهل في أمر التزويج والتقصير في أمر البحث والتدقيق فما أن يعقد القران ويتم النكاح إلا وتتبين خفايا عظام وأمور لايمكن معها البقاء والدوام فيسعى الولي في فكاك موليتيه واستنقاذ مزوجته إن من حق الله عليك وشكره على بعض نعمه لديك بعد أن بلغت موليتك سن الزواج وطرق بابك إليها الخطاب أن تختار لها الزوج الكفء الذي يكون به حفظها وتحصل به سعادتها وهذه المرحلة من أحرج المراحل وأشدها خطرها . ولكن من يستعن بالله يعينه الله فواجب على الولي إن لم يكن يعرف الخطاب أن يسأل عنه وأن يعدد الجهات المسؤولة حتى تكتمل لديه الصورة وأهم ما يسأل عنه ما يتعلق بأمر دينه واستقامة خلقه فلا يزوج من لا يصلي وإن حسنت معاملته ولا يزوج من اشتهر فسقه أو ساءت عشرته ولو كثر تردده أو رضيت به مخطوبته فهؤلاء لا يزوجون ولا كرامة و لاإثم على الولي لو بقيت موليته طول عمرها بلا زواج ثم على الولي بعد سؤاله عن الخاطب وتحريه عنه أن ينقل ما عرفه وقيل عنه إلى المخطوبة من بنت أو غيرها بلا مبالغة أو تقصير وأن يشير بما يرى فلا إكراه في الزواج قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن ) قالوا : يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت ) وإن على من أستشر في تزويج أحد من الناس أن يتقي الله في مشورته فلا يمدح الخاطب ويضع فيه ما ليس فيه من الصفات الحسنة حتى يزوج، أو يعيبه و ينتقصه حتى يرد (فلا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فإن عجز عن قول الحق أو جهل الخاطب فالواجب أن يعتذر عن المشورة وإبداء الرأي فمن عجز عن المشورة بالحق فلا يسعه أن يقول الباطل . سواء كان المسؤولاً قريباً للخاطب أو زميلاً وصديقاً له أو إماماً أو مؤذناً لمسجده . (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) وإن بعض المسؤولين عن الخطاب يصفون الخاطب بما ليس فيه أو يغفلون ما يقدح فيه ويعتذرون لأنفسهم لعله يزوج فتصلح حاله . فيا سبحان الله: هل ترضى أن تغش بخاطب لبنتك بهذه الحجة الواهية ؟ فاتق الله وقل الحق . وقد يكون رده هو سبب صلاحه وليس تزويجه . معاشر الأولياء من الآباء والإخوة وغيرهم ههنا أمر لعلكم لا تستعجلون في رده واستنكاره بل تفهموه وفكروا فيه وقبل أن أذكره اذكر دليله وأصله الشرعي فقد حكى الله عن صاحب مدين الرجل الصالح أنه قال لنبي الله موسى عليه السلام ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ) وفي صحيح البخاري وغيره قال عمر رضي الله عنه : لقيت عثمان بن عفان فقلت له : إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر قال سأنظر في أمري . فلبث ليالي ثم لقيته فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج قال عمر فلقيت أبا بكر فعرضت عليه حفصة فلم يجب أبو بكر ولم يتكلم . فما هي إلا ليال حتى خطبها رسول الله صلى عليه وسلم ثم تزوجها، وفي اختبار سعيد بن المسيب سيد التابعين في زمانه أنه رد خطوبة الوليد بن عبد الملك لبنته وخطب لها هو أحد تلاميذه وزوجها إياه وبادر في زفها على فقره وقلة يده . إن مما أعنيه معاشر الأولياء أن تبحث لبنتك أو غيرها ممن لك عليها ولاية أن تبحث لها عن الزوج الكفء أن تبحث بنفسك أو بواسطة رجل صالح مؤتمن فتطرق بابه قبل أن يطرق بابك وتختاره قبل أن يختارك ألست تختار لبنتك وموليتك أو توصي من يختار له اللباس المناسب والحوائج المناسبة إن اختيار الزوج المناسب أولى وأولى . وهو من أفضل إحسان تبذله لموليتك , ويبقى بعد توفيق الله معروفاً لا ينسى و جميلاً لا ينكر من موليتك بل و من زوجها المختار وليس في ذلك نقيصة عليك ولا على من أنت وليها وقد عرفت أصله ومن سبقك في فعله وإن عرض المرأة على الكفء لها سواء عرضتها بنفسك أو بغيرك متأكد في هذا الزمن قبل أن يفجأك خاطب لا تريده أو مجهول يعسر البحث عنه ومتأكد أيضاً في موليتك المطلقة التي لم يكتب الله لها توفيقاً في زواج سابق، وفي موليتك التي تقدم سنها، أو قل جمالها ورغب عنها فعرض هؤلاء على الأكفاء متأكد ولو أن تعرضها على من تكون عنده زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة فاحتسب هذا ودافع العقبات الوهمية والموانع العاطفية .أعانني الله وإياكم على أداء الأمانة , وجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكافة المسلمين من كل ذنب . فاستغفروه .................



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:06 مساءً الجمعة 17 أكتوبر 1445.