• ×

د.عبدالرحمن الدهش

خطبة الجمعة 12-8-1434هـ بعنوان عقوبة قوم لوط

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  7.4K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله جعل فيما قصَّ على عباده عبرة لأولي الألباب ، وحرَّم عليهم أسباب الذنوب والعقاب .
أبان السبيل ، وأقام الدليل ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة وإنَّ الله لسريع الحساب
وأشهد ألا إله إلا الله خلق الخلق وهو رب الأرباب . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين والمآب .
أمَّا بعد :-
فمما قصه الله في كتابه وجعل قصتهم آية للمؤمنين ، وفيها آيات للمتوسمين ، أي : المتأملين المتفكرين ، الذين لم يركنوا إلى الدنيا ، ويطمئنوا لها .
مما قصه الله قصةُ قرية انتكست فطرة أهلها ، فخبثت سرائرهم ، وماتت ضمائرهم ، وقبحت بواطنهم وظوارهم .
إنها قصة أمة قديم عصرها ، ولكنَّ الله أبقى ذكرها ؛ لسبقها في ذنبها ، وعظم جرمها.
هذه الأمة عصت ربها ، وأتت رجالها شهوة من دون نسائها ، وقطعت السبيل ، وأتت المنكر في مجالسها

فبعث الله إليهم لوطاً عليه السلام وحذَّرهم مما هم فيه ، وتوعدهم عقوبة الله إن لم يجيبوا دعوته ، ويقلعوا عما هم عليه .
قال الله عنهم " ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ، أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر "
فكانوا يقطعون السبيل ، أي: يقفون في طريق الناس يقتلونهم ، ويأخذون أموالهم .
ويأتون في ناديهم المنكر ، أي : في مجالسهم لا يتورعون ، يعملون ما لا يليق منهم من قول أو فعل ، كحال بعض مجالس السفهاء اليوم هي مجالس للغيبة ، والشتم ، واللعن والأصوات المنكرة ، نصبوا فيها الدشوش واستقبلوا ذلك الفساد العريض يشاهدون ما يسر مقلتهم ، باسم متابعة الأخبار ومعرفة الأحوال وهو والله - يقتل غيرتهم ويمرض قلوبهم بل قد يميتها .
حذَّر لوط قومه عاقبة أمرهم وسوء جرمهم .
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنهم أناس يتطهرون 
وهكذا يفعل من يتجرأ على محارم الله ، والرذائل دركات فقوم لوط وصلوا أسفلها ، فاخروا بمعصيتهم ، واحتقروا من يتنزه عنها ، أو يدعوهم إلى تركها .
ورحم الله الوليد بن عبد الملك حين قال : لولا أنَّ الله ذكر آل لوطٍ بالقرآن وأنهم يأتون الرجال ما ظننت أنَّ أحداً يفعل ذلك .
وبعد أن عتوا عن أمر ربهم وقامت الحجة عليهم عاقبهم الله ، بل جمع الله عليهم أنواعاً من العقوباتِ بعد أن نجى الله لوطاً عليه السلام وأهله من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوماً فاسقين .
نجاه الله وأهله إلا امرأته التي رضيت بفعل قومها ، وخانت زوجها بالكفر .
عاقبهم الله بالصوت القاصف والصيحة المفزعة الذي خلعت قلوبهم ، وأصخَّت آذانهم قال الله تعالى  فأخذتهم الصيحة مشرقين  .
وقلب ديارهم عليهم ، وجعل عاليها سافلها  فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها  ] هود : 82[
ورجمهم بحجارة من سجيل  وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك  أي : معلمة بعلامة على أصحابها لا تغادر من أرسلت عليه
وخصَّ الذين راودوا لوطاً عن أضيافه وأرادوهم للفاحشة فطمس أعينهم
قال تعالى :  ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر  .
ذكر الله تعالى عقوباتهم هذه مجتمعة فقال  فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل 
وذكرها عز وجل مفرقة فيزداد المؤمن خوفاً وفزعاً من هذا العاقبة ، وسيئ النهاية .
فانتهى قوم لوط عليه السلام بعد أن أمطرهم الله مطر السوء ، ولكن بقي ذنبهم ، وبقي أشباههم من الكافرين والمنتكسين ، فوقع بعض هذه الأمة في الفاحشة النكراء ، والجريمة العظمى .
فكتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنه قد وجد رجلاً بضواحي العرب ينكح كما تنكح النساء ، فاجتمع لذلك الصحابة ، ونظروا في هذا الجلل ، فاستقر رأيهم أن يحرقوه بالنار .
قال شيخ الإسلام : لم يختلف أصحاب النبي  رضي الله عنهم : أن اللوطي يقتل ، ولكن اختلفوا كيف يقتل ؟
وعمدتهم في هذا قول النبي  " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " رواه أبو داود وغيره وصححه ابن القيم .
أعاذني الله وإياكم من أسباب المعاصي ما ظهر







(إن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) مسلم برقم 2759
النبي  يتنبأ بمرض الإيدز " لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا " رواه ابن ماجه ، والحاكم ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه
إنَّ من أكبر أسباب هذه الجريمة بل الفاحشة أمور يأتي في مقدمتها : -
من أسباب ذلك قلة أو انعدام التوعية من الآباء والمربين وعدمُ تبصير من تحت أيديهم بعظم التساهل في مقدمات الفاحشة وأسباب الرذيلة ، وتنبيههم لطرق الجرارين ، وحبال السيئين .
التساهل في رعاية الأبناء وملاحظة خروجهم ودخولهم ، فلم يعد الأبُ هو الأب المتفقد لأبنائه ، المفتش في زملائهم وأقرانهم .
فالاختيار الأول والأخير للزميل المصاحب هو للابن يختار رفيقه بنفسه ، وقد لا تربطه بزميله دراسة ولا قرابة ولا جيرة ، إنما اختاره خبط عشواء ، وقد يكون بينهما من فارق السن ما لا يصح معه أن يزامله ، ولا يقبل أن يكون مماشياً له .
ومن أسباب ذلك ، وهو من التساهل أيضاً تغاضي الأولياء عمَّا ينكر من تصرفات أبنائه ، فمتى كان الثوب الضيق لباساً لأبنائنا ، وفلذات أكبادنا ، بل متى كان البنطال الضيق والفنيلة الملونة وربما كان فيها صورة لفاسق من هنا أو هناك متى كانت هذه ألبسة لأبنائنا !!
أتدرون متى كانت كذلك ؟ لما غفلنا عن أبنائنا أو التمس بعضنا لهم العذر بأنهم شباب مراهقون .
نعم هم كذلك ولكن ألا يوجهون ، ألا يؤخذ على يد معاندهم .
إنَّي لاأظنك أيها الأب تعتذر لابنك بمثل هذه الأعذار لو فرَّط في حقٍّ من حقوقك أو أساء إليك ، أو أضاع شيئاً من مالك !!
فالابن همه إتراف نفسه ، والعناية بل المبالغة في تحسين شكله ، وتنميق مظهره فلباسه يبقى الوقت الطويل لإعداده وتهيئته فضلاً عن اختياره وشرائه ، ثم هو منشغل بتصفيف شعره ، وتحسين قصته ذات اليمين وذات الشمال ، ثم تلك العطور الفواحة ، والمنعمات للبشرة يعد نفسه لخروجه ومقابلة زملائه كما تُعَدُّ العروسُ ليلةَ عُرْسِها .
ولا ريب أنَّ النبي  قال " إنَّ الله جميل يحب الجمال "
ولكن من وصلت حاله إلى هذا فلم يعد فعله تجملاً شرعياً ، ولكنه ترفٌ زائد وميوعة ممقوتة ، وربما وصلت إلى تخنثٍ يُنَزِّه العاقلُ نفسَه عنه . أو تشبه بالنساء وقد لعن النبي  من تشبه من الرجال بالنساء
ومن أسباب ذلك التساهل في قراءة القصص الرديء ، والمجلات السيئة ، التي تعرض صور وأخبار الماجنين ، وأراذلِ خلقِ الله الفاسقين تحت مسمى أدبٍ ، أو فنٍّ ، أو رياضة .
والمصيبة أعظم في قنوات الرذيلة ، تعرض صور المردان ، تقضي على الغيرة ، وتميت الحياء ، والله المستعان على ما يبثون .
لعلك بعد هذا أدركت أيها الأب المبارك عظم مسؤولية المحافظة على فلذات الأكباد ، وصعوبة ذودهم عن مواطن الخنا والفساد ، فاستعن بالله ، واطلب التوفيق من رب العالمين
ومن يستعن بالله يعنه الله .










الخطبة جيدة تحتاج تنقيح أكثر ، وزيادة أمور في الوسائل الواقية من هذه الجريمة .
هل يشارُ لموقف الغرب من تقنين هذه الفاحشة ؟ !
ينظر في ذلك /
1. إثم الفاحشة والخبائث عمل قومِ لوطٍ / نبيل محمد محمود
2. الجريمة الخلقية عمل قوم لوط (إبراهيم الحمد )
3. تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (170)
4. مقدمة محقق ( كتابان في اللواط )
5. خطب البيحاني (ص 219 )
6. أسباب هلاك الأمم السالفة . سعيد محمد بابا سيلا




وفي أيامنا الحارة يخل بعض شبابنا في لباس المروءة فيلبسون ما لا يليق بهم من البناطيل الضيقة أوالقصيرة وربما لبسوا الفنايل التي أشربت أجسامهم، وجسدت أبدانهم وصاروا فتنة لأنفسهم ولغيرهم .
وما كانت هذه ألبسة لشباب المسلمين إلا لما دخلت علينا الموضة المنحلة وشاهد أبناؤنا من يلبسوننا في الملاعب العالمية، والمقاطع والقنوات الفضائية .
فلم يعد فرقاً بين لباس شاب مسلم، وشاب نصراني في أسواق أوربا ودور الفساد في الدول الغربية أو الشرقية . والله المستعان
ثم ليعلم أصحاب محلات ألبسة الشباب أنهم مساهمون في ضياع شباب الأمة حينما يبيعونهم ألبسة الميوعة والرقص والدلع .
سواء كان المحل له أوكان للعامل الذي هو على كفالته مقابل لعاعة من الدنيا فليعلم أن دخله سحت لن يجد بركته، وأظنه لا يرضى هذه الألبسة لأبنائه فكيف يرضاها لأبناء المسلمين .
معاشر الإخوة: مما لا يغفل التنبيه عليه ما يتساهل فيه بعض الشباب في المسابح العامة أو الخاصة فقبل تنبيهنا على وجوب أخذ الحيطة في تلك المسابح وعدم الغفلة عن الصغار ووضع الحماية اللازمة في المحافظة عليهم من أخطار الغرق .
فإن التحذير والتأكيد يتأكد من التساهل في ألبسة السباحة فيما تصف عوراتهم أو تبدي شيئا منها.
أو يجتمع في تلك المسابح الكبار والصغار على وجه مريب فهذه بوابة شر، ومدخل للشيطان تزل بها الأقدام .
وعورة الرجل من السرة إلى الركبة .
أيها الإخوة: في ليالي الصيف يتقوى بعض مراهقينا سنا أو عقلا يتقوون على طيشهم بالأقنعة التي يضعونها على وجوبهم، بأشكال متنوعهم ظانا أنه إن لم يعرف فهو قد رفع عنه القلم، واستباح مضايقة الناس وأذية عباد الله .
وبعض هذه الأقنعة لها خلفيات عقدية وتقاليد وثنية وقد صدرت تعاليم الجهات الأمنية بمنعها ومتابعة من يبيعها أو يلبسها .
ألا فلنتعاون على البر والتقوى ونبصر الجاهل ونعظ المتساهل علَّ الله أن يدفع الشر عنا، وألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .
اللهم احفظ شباب المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
اللهم حبب إليهم الإيمان وزينة في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم راشدين.
أيها الإخوة ختامنا قولنا :
التذكير أننا في شهر شعبان جعله الله بين يدي رمضان وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يكثر الصيام فيه وربما صامه إلا قليلا منه .
فاستعينوا بالله وصوموا ما استطعتم منه .
صوموا أيام البيض وإن لم يكن لكم عادة فيها .
ولا فرق في استحباب الصيام بين نصفه الأول ونصفه الثاني على ما هو مرجح .
ولكن لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا لمن له عادة فليتم عادته .
ثم إنه لم يثبت شيء غير الصيام، والأحاديث في فضل النصف منه أو ليلة النصف أحاديث ضعيفة أو موضوعة .
وتعاهدوا من كان عليه قضاء من رمضان الماضي من أولادكم وأهل بيتكم فإن فرصته فيما بقي له من هذا الشهر لا يجوز تأخيره عن ذلك إلا من عذر .
أعاننا الله جميعاً على طاعته .
اللهم أعنا على ذكرك ....


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:06 صباحًا الجمعة 19 سبتمبر 1445.