• ×

admin

خطبة يوم الجمعة الموافق12-3-1431هـ بعنوان العظمة النبوية وتحذير من أمور بدعية

admin

 0  0  3.5K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
إن الحمد لله نحمده و نستعينه . . .
وأشهد ألا إله إلا الله إله الأولين والآخرين .
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ، اصطفاه لحمل رسالته ، وتأدية أمانته ، فبلغَّ الرسالة وأدَّى الأمانة ، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين فصلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ...
أما بعد :-
فلنا أيها الإخوة في جمعتنا هذه وقفاتنا في كلمات من غير إحاطة ولا قريب منها حول من عصمه الله من الناس، ودافع عنه فلن يصل إليه منهم بأس .
نعم أوذي في الله ، شجَّ وجهه ، وكسرت رباعيته ، وتسلط عليه سفهاء من قومه ، رمي بالحجارة حتَّى أدمي عقبه ، وأراد أعداؤه، حبسه أو قتله أو طرده (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) .
تطاول عليه أحفاد القردة والخنازير فخططت يهود لقتله ، ودسَّت يهودية سُمَّا في لحم شاة ففضحها الله وحمى نبيه من ضر سمِّه
كلامنا أيها الإخوة عن نبي حنَّ إليه جذع نخلة وعرفه الشجر ، وأشرقت الأرض بطلعته وسلَّم عليه الحجر .
أيها المسلمون : إنَّ نبينا الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم أدَّبه ربه فأحسن تأديبه ، صنعه على عينه ، بعد أن اختاره على علم يقول النبي صلى الله عليه وسلم \" إنَّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم \" رواه مسلم رقم (2276) .
فهو خيار من خيار، شرح الله صدره حساً ومعنى، فهو المثال الصادق لمن عرف حقيقة الإيمان ، حيث كان خلقه القرآن .
خيَّره ربه بين أن يكون عبداً رسولاً أو ملِكاً رسولاً .
فاختار العبودية مع الرسالة، اختار الآخرة على الدنيا، والباقية على العاجلة
فكيف كانت حياته ؟!
كانت حياته كلها في عبادة وتعليم، وجهاد وتنظيم أمضى أربعين سنة قبل البعثة لا يعرفه قومه إلا بالصادق الأمين ثم أتاه الروح من أمر ربه (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا) فنبئ بـ(إقرأ) وأرسل بالمدثر فأنذر عشيرته الأقربين ثم عمَّ قومه أجمعين وبقي في مكة داعياً إلى ربه ثلاث عشرة سنة، وهو في محاجة قومه ينذر ويبشر، ويلين ويغلظ
فلاقى هو وأصحابه من أذى المعاندين للدعوة الشيء الكثير ، استهزئ به ورمي بالتهم ، حاصرهم المشركون في شعب أبي طالب حتى أجهدهم الجوع
توفي عمه أبو طالب وزوجه خديجة وهما عضداه في الدعوة فصبر واحتسب .
حتى كاده قومه فأذن له ربه بالهجرة ومفارقة أهله وبلده فخرج مهاجراً خائفاً يترقب إلى المدينة ، خرج حيث أمره الله إلى قوم بايعوه على النصرة ، والحماية مما يحمون منه أولادهم ونساءهم فأظهره الله وكتب له تمكيناً في المدينة وهو مع هذا لم يفارقه البلاء والتمحيص له ولإتباعه فهو بين أذية المنافقين ومن ورائهم من اليهود الحاسدين، وبين مناوشات المشركين وتحزبهم حرباً لرب العالمين .
كل هذه وغيرها لم تفت في عزمه بل كانت حياته كلها جدُّ ونشاط لم يعرف العجز إليه سبيلاً ولا الكسل لنفسه مدخلا .
فإن عرجنا على عبادته صلى الله عليه وسلم فإنك تسمع عجباً ، كان يقومُ مِن الليل حتى تتورَمَ قدماه، ويُصَلِّي مواظباً في يومِهِ وليلته على أربعين رَكْعَةً لا يَخُلُّ بها .
منها سبعةَ عشرَ ركعة فرضاً، والباقي اجتهاد وتزوداً في طاعة الله ، عشر ركعات ، أو ثنتا عشرة سنة راتبة ، وإحدى عشرة ، أو ثلاثَ عشرةَ ركعةً قيامه بالليل ، وما زاد على ذلك فعارِضٌ غيرُ راتبٍ زاد المعاد (1/327) .
وأما بذله للمال وتفريقه للصدقات فكان يبادر أصحابه بما يأتيه من الصدقات والغنائم يوزعها عليهم ويبالغ في عطاء من يتألفهم . وهو القائل عليه الصلاة والسلام \" اليد العليا خير من اليد السفلى ، واليد العليا هي المعطية والسفلى هي الآخذة \"
وأما الصيام فلقد كان يصوم حتى يقال : إنه لا يفطر .
وربما واصل الصيام فلم يفطر أياماً متواصلة مع نهيه أصحابه عن المواصلة شفقة بهم .
وأما الحج فلقد حجَّ تلك الحجة التاريخية وحجَّ معه أصحابه تلك الجموع الغفيرة بين يديه وعن يمينه وعن شماله ومن خلفه ما بين راكب وماش ، فعلمهم حجهم وقال : خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا . وقال في أعظم جمع \" وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون \" قالوا قد بلغت وأديت ونصحت .
أما أخلاقه وجميل صفاته فقد زكاه ربه بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم) فلقد كان أحلم الناس وأشجعهم وأعدلهم وأعفهم .
وكان غاية في التواضع وحسن العشرة يخصف نعله ويرقع ثوبه ، ويخدم في مهنة أهله .
وكان أشدَّ الناس حياء ؛ لا يثبت بصره في وجه أحد ، يقبل الهدية ويثيب عليها ، يجيب دعوة العبد والحر ، يغضب لربه ، ولا يغضب لنفسه ، يقبل عذر المعتذر ويمازح أصحابه ، ولا يقول إلا حقاً ، وكان لا يمضي عليه وقت في غير عمل لله تعالى ، أو فيما لا بدَّ له منه من صلاح نفسه فصلوات الله وسلامه عليه .
إنَّ من هذه بعض أوصافه حقُّ على النفوس أن تحبه فطرة قبل أن تحبه شرعه
وأن تقدمه على كل أحد فليس قبل محبته إلا محبة الله الذي منَّ علينا ببعثته (لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم)
وكيف لا تحبه وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) .
وكيف لا تحبه وهو رحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .
ثم لما بلغ أجله المكتوب شدّد عليه فعانى من سكرات الموت ما لم يعان غيرُه ، ومع هذا في هذه اللحظات الحرجة كان يوص أمته ويحذرهم أن يتخذوا قبره مسجداً ، يحذر طريقة اليهود ، وأوصاهم آخر ما أوصاهم بالصلاة وما ملكت أيمانهم ، فكان يقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ... ثم وافى ربه رافعاً بأصبعه شاخصاً ببصره راضياً مرضياً عند ربه صلى الله عليه وسلم

الحمد لله ...
أما بعد :
فإنَّ الله هدانا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور ، وآتانا ببركة رسالته ، وبمن بعثته خير الدنيا والأخرى ، وكان من ربه بالمنزلة العليا ، أوجب على العباد تعزيره وتوقيره .
وإن كان الله أغنى رسوله عن نصرة خلقه؛ حفظ كتابه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، أعلى ذكره (ورفعنا لك ذكرك) ، كفاه المستهزئين فقال تعالى : (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) ، ولكن سنة الله ليبلو بعضكم ببعض وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب .
ولم يزل ولله الحمد جناب النبي صلى الله عليه وسلم محترماً ومقامه رفيعاً من عموم المسلمين تقيهم وعاصيهم.
والتنبيه أيها الإخوة حول ما تسمعونه وربما تشاهدونه عبر وسائل الإعلام من اشتغال كثير من المسلمين في كثير من البلدان الإسلامية بما يسمونه بالمولد النبوي، يعنون بذلك مولد النبي صلى الله عليه وسلم فيحيون أيام أول هذا الشهر ولياليه باحتفالات يجتمعون عليها ينشدون فيها المدائح النبوية، وربما كان في بعضها شركيات وتوسلات محرمة ويزعمون بذلك تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فاعلموا رحمكم الله وأخص إخواننا الوافدين الذين قد تكون هذه المظاهر أمراً عادياً أو ظنوها مشروعا، وربما لم يسمعوا فيها نكيراً من قبلُ .
فاعلموا أنَّ الاحتفالات بالمولد أمر بدعي لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم \" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ \"
ولم يتفق المؤرخون على يوم لولادته صلى الله عليه وسلم .
وهذه الاحتفالات لم يفعلها النبي صلى الله غليه وسلم ولا الصحابة من بعدهم وإنما أحدثها من أحدثها في القرن السابع الهجري لإشغال المسلمين عن شعائر عن دينهم الصحيح ، ومشابهة للنصارى في عيد المسيح .
ومن كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم فإنَّ محبته تكون بطاعته، واتباع شرعه ، ولا تكون محبته بالدعاوى.
أيها الإخوة حيث كان الكلام على حفظ مقام النبي صلى الله عليه وسلم، والبعد به عن أن يكون شيء من أحواله محل عبث أو استخفاف فإن بين يدي هذا الكتيب على صورة جواز سفر طبع باللون الأسود وكتب عليه باللون الذهبي لماذا ؟
قالوا تشبها بلون الكعبة والكتابة الذهبية التي عليها .
وأهم من هذا أن الكتيب كتب على غلافه (البطاقة العائلية .. محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله وصحبه وسلم) .
والكتاب أخرج بورق ملون، وترجم إلى لغات عدة، وعملت له دعايات وبيع منه بالآلاف والمتوقع أن تبلغ الملايين .
لأنه كتاب جذاب في شكله، ويزعم مخرجوه أنه يعطي تعريفاً بالنبي صلى الله عليه وسلم وبزوجاته وذريته وشيئاً من أحواله، وأنهم رجعوا إلى مصادر موثوقة في مادته .
ولا نقاش في هذه المقاصد، ولكن ما الطريقة ؟
إن الناظر في هذا الكتيب يقف شعره حينما هذا الإخراج الذي لا يليق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم فلا معنى أن تجعل خانة بعد اسمه واسم أبيه جنسه ليكتب سيد الرجال، ثم خانة لديانته ليكتب سيد المسلمين أما جنسيته فيكتب مسلم عربي قرشي .
ثم تذيل هذه المعلومات بسطرين أمين سجل يثرب: مسؤول الإحصاء: حذيفة بن اليمان .
أيها الإخوة لا معنى لذلك إلا العبث، المؤدي إلى السخرية بمقام النبي صلى الله عليه وسلم وتجرئة السفهاء على مثل ذلك .
وسلامة النية إن صحت لا تكفي لصحة العمل .
والقول بأنهم رجعوا إلى مصادر موثوقة ففي صفحة الغلاف أحاديث ضعيفة وموضوعة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي داخلة معلومات مغلوطة .
وهذا الكتيب وزع في بعض الدول الإسلامية، ووصل إلى بعض الناس بالمراسلة، وحرص عليه آخرون بعد الدعاية له، ولم يفسح له بعد .
وإنما جرى التنبيه عليه بعد تردد من باب عرفت الشر لا للشر ولكن لأتقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه .
وخشية أن تكون باب شر فيصدر أمثاله لغيره من الأنبياء أو للصحابة أو الصالحين، وكل يكتب بالنفسية التي تروق له .
فاللهم . . .








للاستماع للخطبة من هنا


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:45 صباحًا الخميس 16 أكتوبر 1445.