• ×

د.عبدالرحمن الدهش

التوفيق وحرب الحوثيين

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  955
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إن الحمد لله

أما بعد :-

فاتقوا الله يا عباد الله، واستعدوا للقياه، واجعلوا بينكم وبين عذابه وقايةً بطاعته وتقواه (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)

أيها المسلمون:  كلُ الناس في هذه الدنيا يغدو، وكلُ فيها يسعى ويؤمل ولفضل الله يرجو (إن سعيكم لشتى)

ولكن ليس كل مؤملٍ مدركاً، ولا كل ساع سعيه مشكورا !

وعمله مبرورا !

فلله سر في كدح العباد، فمنهم السعيد الذي جعل الله سعيه على هدى ورشاد، ومنهم الشقي الذي ضل سعيه فأمره في تباب وفساد .

إنه التوفيق الذي يحضر ويغيب.

ألست تقول: نسألُ الله التوفيق، واللهم وفقنا

وخطيب الأنبياء شعيبٌ عليه السلام يقول: (وما توفيقي إلا بالله) .

وفي آخر خطابك تسطر، وفق الله الجميع.

ألم تقل مرة ومن توفيق الله لي أن حصل كذا !

وقد وفقني الله في كذا !

ويقال: فلان لم يوفق في هذه الكلمة، وفاته التوفيق حينما أصر على كذا!

وتقول: مودعاً ولدك: موفق يا ولدي !

ما هو التوفيق الذي نسأله الله هل نعي معناه وأين يكون؟

وهل أنا من الموفقين، أو ممن فاتهم التوفيق فأصبحوا محرومين خاسرين.

أما التوفيق فهي كلمة مع جمالها، وجلالها فقد استوعبت حياةَ العاملين، فالتوفيق قد يكون رفيقا لأقوالهم، ولأعمالهم المشاهدة، والمستترة في قلوبهم، وأخفتها ضمائرهم.

فالتوفيق إصابة الخير، ولزوم الصواب, وإن شئت قل التوفيق: هو عون الله للعبد بحيثُ لا يكله إلى نفسه، ولا إلى أحد غيرهِ في قليل أو كثير .

إذا لم يكن عون من الله للفتى         فأول ما يجني عليه اجتهاده!

فالإنسان يطلب التوفيق في عبادته، فتكون خالصة صواباً على السنة، وقد يكون تركُ العبادة هو التوفيق إذا وافقت نهياً شرعياً،  أو كان غيرُ العبادة من المباحات أولى في تلك اللحظة.

لذا مع اجتهادك في اختيار ما تفعله سل الله التوفيق .

وإليك يا عبد الله يا من أحببت التوفيق، ورغبت فيه، وتخاف أن تكون من غير الموفقين إليك بعض ميادين التوفيق، وساحاته .

فمن أعظم ميادين التوفيق وأرحبها أن يوفق العبد للعمل الصالح  فله حظ وافر واضح من طاعة الله والبعد عن معصيته، قال الله تعالى ( وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)

وعن أبي أيوب: أن أعرابياً عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال: يا رسول الله أخبرني بما يقربني من الجنة، وما يباعدني من النار، قال: فكف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نظر في أصحابه، ثم قال: (لقد وفق) قال: كيف قلت؟ فأعاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعبدُ الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، دع الناقة) رواه مسلم

وأعظم الطاعة طاعة عظمها الله وأثنى على أصحابها (قد أفلح المؤمنون الذي هم في صلاتهم خاشعون)

(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة)   ...

ولا تزال درجات التوفيق في لزوم المؤمن طاعة الله حتى يكون ممن استعمله في طاعته وحسن ختامه على ذلك ففي المسند وسنن الترمذي بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله،  قيل: كيف يستعمله ؟ قال : يوفقه لعمل صالح قبل الموت، ثم يقبضه عليه) .

ومن علامات التوفيق أن يرفع المسلمُ نفسه بما رفع الله به خواص عباده (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) فالعلم الشرعي والفقه في الدين وحضور مجالس الذكر، وسماع الخطب والدروس والمحاضرات رفعة وتوفيق، وفي الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).

ثم يَتبعُ هذا التوفيق توفيق نشر الخير بين الناس ودعوتهم وإصلاحهم، وتذكير العاصين، وتعليم الجاهلين، تعليما في المدارس والمساجد والمجالس: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين).

ثم من هؤلاء من يضيفون لهذا التوفيق توفيقا آخر بنفع الناس وقضاء حوائجهم.

وفي صحيح الجامع من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الناس إلى الله : أنفعهم) .

ثم إن توجَ هؤلاء توفيقهم بحسن الخلق ولين الكلمة، وسلامة الصدر، ورفقاً بمراجعيهم, وحبِ الخير للناس فهو توفيق فات كثيراً من الناس عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا) متفق عليهما .

لا نغفل علامة عظمى من علامات التوفيق لاسيما في وقت امتحان الأمة، وتكالب الأعداء وإعجاب كلِ ذي رأي برأيه، وهي من حسن إسلامك، وسلامة دينك ففي سنن الترمذي وابن ماجة بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).

هذه التي لا يقوى عليها إلا من عرفوا حقيقة الدنيا، ومهمتهم فيها، وعرفوا قدر أنفسهم وأن في عيوبها شغلاً  عن عيوب الآخرين، فهم غير راضين عن أنفسهم لو صدقوا فكيف نصبوا أنفسهم قوامين على عباد الله في فضول ثقيل، وتدخل مشين .

والعاقل إذا علم أنه لا ينظر إليه إذا رفع رأسه أو طأطأه فليرفق برأسه، وليكن رأسه بمستوى بدنه، ونظره موضع سيره، وعليه بخاصة نفسه، وليدع عنه أمر العوام. (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)

هذه يا عبد الله معالم، وهو قليل من كثير فانظر بعدها أي توفيق حصلت، وأي توفيق فاتك .

والموفق من وفقه الله ، فسل الله دائما التوفيق، فلا خير في عمل وإن فنيت فيه الأعمار إذا عدم التوفيق (وجوه يومئذ خاشغة عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية) .

فاللهم إنا نسأل التوفيق في أمورنا كلها، وحسن الخاتمة .

اللهم وفق المسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ....

 

أما بعد:-

فاعلموا عباد الله أنَّ هذا الدين الذين تنعمون بخيراته، وتغتبطون بالانتساب إليه، وتجتهدون في إحسان العمل راجين حسن عاقبته .

مستشعرين قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام)

كل هذه المعاني التوفيقية ما أدركناها بكدنا ولا بكد آبائنا، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده.

هذا التوفيق غاب عن قوم سبقت لهم من الله بحكمته الشقاوة فهم في غيهم سادرون، وفي باطلهم إلى آذانهم منغمسون، وصدق عليهم إبليس ظنه (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين)

وحق عليهم قول الله تعالى (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية)

فهم بدلوا دين الله فعمروا الأضرحة والمشاهد وعطلوا المساجد مضاهاة للمشركين ومخالفة للمؤمنين .

يتباكون باسم الدين، ويدعون نصرة المؤمنين، وحماية المستضعفين، وقد أعملوا سيوفهم في المسلمين، وأغمدوها عن المشركين، سلم منهم اليهود والنصارى، لأنهم خدم لهم، ولم يسلم منهم أهل السنة لأنهم لم يذعنوا لهم .

الخرافة قائدهم، والكذب بضاعتهم، واستحلال الفروج من شريعتهم، وعصمة أوليائهم من أركان دينهم .

أذية المؤمنين من أفضل قرباتهم، أعداؤهم الصحابة، ومجالسهم سب ودروسهم تهييج وشتيمة .

معاشر السامعين: هذه بعض أوصاف أقوام يجمعهم وصف الرافضة يدعون التشيع لأهل البيت، ولو خرج أهل البيت لم تطب نفوسهم إلا أن يقتلوهم قتل عاد وثمود إلا أن يتوبوا، لأنهم أساؤا إليهم أحياء وأمواتاً

فربما تسموا بالاثنى عشرية، أو هم جعفرية، أو إسماعلية، أوزيدية، أو قل ما شئت كلها سبل حادت عن الصراط المستقيم (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)

نعم تفرقوا عن سبيل الله فخدموا الشيطان، سعوا في بث شرهم بما يسمى بتصدير الثورة .

فأطماعهم معلنة، وتمددهم في تشييع المنطقة، وتحويلها إلى منطقة رافضية معلومة مدركة، والله غالب على أمره!

لذا كان من التوفيق الذي نسأل الله أن يتمه تلك الغارات التأديبية، والحرب الاستباقية ضد حثالة الحوثيين الذين أعملوا سلاحهم في بني جلدتهم، وجيرانهم من إخواننا اليمنيين فقتلوا آلافاً منهم، وشردوا آلافاً أخرين من بيوتهم ومناطق سكنهم، فطال ليلهم، فضلاً عن السلب والنهب في أساليب جاهلية، واعتداءات علنية، فرموا دولتهم من داخلها .

لا يزالون الصادقون مع دولتهم، ومع أمتهم يحمدون الله على ذاك التوفيق، وقد أتم عامه الثاني وجنودنا ولله الحمد موفقون صامدون محتسبون، مضى منهم من مضى نسأل الله أن يجعلهم في الشهداء .

ولا يزال المعتدون مراوغين خائنين وللعهود ناقضين، يسعون في الأرض فساد والله لا يحب المفسدين .

فاجعلوا لهؤلاء الذين يحمون بلادكم نصيباً من دعائكم، فنصر الله لهم هو نصر بإذن الله للإسلام والسنة، وتأمين لبلاد اليمن بلاد الإيمان والحكمة .

وتأمين اليمن تأمين لبلاد الحرمين، وقطع لأطماع الرافضة المجوس المفسدين .

وإن من أعظم النصر لهم أيضاً نصرهم بالتزام من وراءهم شرع الله، والوقوف عند حدود تواصياً بالحق، أمر بالمعروف ونهياً عن المنكر، كل بحسبه .

وإن المعاصي ربما عملت في الجيوش المقاتلة أبلغ مما تعمله قوة العدو وسلاحه .    

فاللهم انصر المجاهدين ....

 



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:09 مساءً الخميس 9 أكتوبر 1445.