• ×

د.عبدالرحمن الدهش

تحفظون بالعلم + التغليق على الأحداث والدعوة للحراك

د.عبدالرحمن الدهش

 0  0  739
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إنَّ الحمد لله نحمده ،  …

أما بعد :-

فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة .

حديثي إليكم - معاشر الإخوة – عن شيء أعظم الله شأنه ، ورفع المنتسبين إليه ، والمشتغلين به .

تطوى أعمارهم ، وتبقى آثارهم .

من حصله فهو علامة إرادة الله بعبده الخير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " متفق عليه .

إنه الفقه في الدين والعلم بشرع رب العالمين .

العلم الذي به يكون الإنسان في هذه الدنيا على بينة من ربه ، وعلى بصيرة في دعوته .

(قل إني على بينة من ربه وكذبتم به)

(قل هذه سبيلي ادع إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )

 العلم الذي يغلق الإنسان به باب الشرك وأسبابه ، قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى (ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ) قال : (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت) .

وبالعلم يسلم الإنسان من دجل الدجَّالين ، وإرجاف المرجفين الذين يدعون علم الغيب ، ويتكهنون للناس في حظوظهم ، ويدَّعون معرفة المستقبل لهم !

وكيف لا يسلم من ذلك بعد أن عرف قول النبي صلى الله عليه وسلم " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه أبو داود ؟

وبالعلم يقضى على البدع ، ويقل سوقها ، ويعرف به مروجوها والمبالغون في استحسانها .

وبالعلم يعرف ما كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وتناقله الجاهلون في فضائلِ أعمالٍ تعمل ، أو عقوبات تنقل عبر منشورات توزع ، أو كتيبات تدفع

بالعلم ينحو الإنسان من الفتن التي تعصف بالناس ، فتغير عقائدهم وتفسد توجهاتهم .

بالعلم يعرف الإنسان أصحاب الأهواء ، ومتَّبعي الشهوات، ويعرف الذين في قلوبهم مرض من خلال كتاباتهم ، وإبداء آرائهم (ولتعرفنهم في لحن القول) .

بالعلم ينتهي فضول بعض المعبرين ومفسري الأحلام الذين يفسدون ولا يصلحون ، ويوهمون الناس ، ولا يحسنون .

بالعلم يقلع الإنسان عن معصية ربه (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ثم إذا زلت قدمه وعصى مرة ثانية أو ثالثة ، أو أكثر فهو يُهْرع إلى ربه ، ولا يدع للشيطان سبيلا إلى قلبه ولا للقنوط مدخلاً في نفسه .

فهذه بعض آثار العلم ومحاسن التعلم .

سلامة في المنهج وصحة في العقيدة ، وحسن في المعاملة .

وإنَّ العلم الذي هذه بعض ثماره ليس خاصاً بطائفة معينة، ولا يقف تحصيله عند حدٍّ معين من سنٍّ أو رتبه .

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو ربه أن يزيده من العلم (وقل رب زدني علماً ) ، ولم يؤمر الله نبيه أن يتزود من شيء إلا من العلم .

 فيخاطب بالعلم كل مسلم أراد الرفعة في الدنيا والآخرة (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )

ويخاطب به العامي في سوقه ، والعامل في عمله ، والموظف في وظيفته ، ورب الأسرة ، والمرأة .

وهكذا هدى الصحابة – رضي الله عنهم - مع نبيهم صلى الله عليه وسلم كلٌّ يحضر مجلسه ، ليتفقه في دينه وينظر في أمر ربه .

إلا أنَّ أعلا المشتغلين بالعلم من تفرغ له وثنى ركبتيه من أجله، ووسم نفسه بطالب علم فهو ينقلب من درس لآخر يستجمع أكثر ما يستطيع من ميراث النبوة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر " رواه أبو داود وغيره ، وهو حديث حسن.

فما أشرف هذا المقصد ، وما أعظم القصد لهذه الطائفة . ثم لا تنسوا أن طلب العلم عبادة يتقرب الإنسان به إلى الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من سلك طريقاً يبتغي به علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة " رواه أبو داود والترمذي.

فاخلصوا النية لله ، كيف وأنت تقطع جزءاً من وقتك في مجالس الدرس، وتمضي زهرة يومك ؟

فاحرص أن تكون على نية صالحة .

أيها الإخوة: الدروس  العلمية في بيوت الله رياض من رياض الجنة لا كبرَ ، ولا حياء فلن ينال العلم مستح ولا مستكبر ، يتشبه الإنسان بالسلف الصالح ، بل بالصحابة مع نبيهم صلى الله عليه وسلم .

تبذل وسعك ، وتستفرغ طاقتك ، ولا تستكثر جهداً تبذله ، ولا تستطل وقتاً تقضيه فالعلم لا ينال براحة البدن .

ودراسة العلم على المشايخ الموثوقين وطلاب العلم المتمكنين فيها اختصار للوقت، وأمان من الخطأ، والجنوح في الفهم . فالمعلم يجمع المتفرق ، ويقرب البعيد فتنال في الوقت القصير ما يمضي فيه غيرُك الوقتَ الطويل

أيها الإخوة: التذكير بأهمية العلم والتعلم مناسبته في كل وقت ولكن يتأكد حينما تستفتح النفوس عاماً دراسياً، ولكل عودة بعد انقطاع إقبال ونشوة، فهميئا لمن استغل إقباله فيما يعليه، ويبنيه ويرقيه، فاستبشروا أيها المتعلمون بنشاط جديد، فبالعلم تسود الأمم، وتتميز الشعوب .

واحذروا النفوس المنتكسة التي لا تفتأ تلمز المعلم والتعليم لا تفتأ تحط من قيمة العلم، وتقلل من الحاجة إليه لا سيما العلم الشرعي، الذي طلبه عباده، وبذله قربه، وعاقبته رفعة في الدنيا، وفي الآخرة رضوان وجنة.

وإن حاجة الناس للعلم تزداد كل يوم رغم ما يقال من انتشار العلم عبر الوسائل الحديثة، والمعلومة تصل إليها بضغط زر على جهاز بأقل من حجم الكف .

رغم كل هذا فالمستفتون يزدادون، والمسائل الذين يهرع الناس فيها إلى العلماء تتجدد ولا تنقضي .

زد على هذا أن الرد على المبطلين، ودفع شبهات المعارضين لا تكون إلا من خلال بيان العلماء الراسخين فلا تغني الأجهزة شيئاً، وإنما هي وسائل تقريب، ومعينات لمن أحسن استخدامها ووفق لأخذ خيرها والإعراض عن سيئها.

أقول قولي هذا ...

الحمد لله رب العالمين..

فعام جديد بإذن الله فلنتواصى على البر والتقوى، والتزود من العلم والهدى كل بحسبه، وهاهي الدروس العلمية، والدورات الشرعية بفنون متعددة تدعو الراغبين في الخير ، فكن يا عبدالله عالما أو متعلما أو مستمعاً ولا تكن الرابع فتهلك، فلا تكن معرضا . 

أيها الإخوة: حيث كان الحديث عن العلم وفضله فإن من أعطم فضائله أن العلم حصن لعقل الإنسان في زمن الفتن حينما تطيش العقول، وتحار الأفهام، ويتكلم سفهاء الأحلام، والعلم رباط على قلب من منَّ الله به عليه حينما تفرغ القلوب، وتهزها المتغيرات والخطوب .

وفي ظل مجريات الأحداث يهرع الموفقون الحريصون على دينهم وسلامة دنياهم يهرعون إلى العلماء ليسمعوا كلمتهم، ويأخذوا بتوجيههم لأنهم المبلغون عن الله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الله) .

ويتأكد التواصي بذلك حينما ترى نفراً من عباد الله ينزلون أنسهم غير منازلها، ويحطونها في مواقع لا يحسنونها .

فمنهم من صار يمارس دور رجال الأمن فتجده متقدما بين أيديهم في أطروحاتهم بحلل ويدلل ويقصي ويدني !

ومنهم من ينتقي من كلام فلان وكلام فلان ويجمع القول الذي بعد زمنه وله ظرفه بالقول القريب .

وتجد بعضهم يراجع حسابات لفلان ويختار منها ما يظنها تشفي صدره، وتوقع بمن يعاديه !

فالفرصة سانحة لتصفية الحسابات والأسماع مرهفة، وبلغت القلوب عند بعض الناس الحناجر وصاروا يظنون بمن حولهم الظنونا !

ومن هؤلاء من يختار صورة أو لقطة عفا عليها الزمن وجاءت في سياق محدد لينشرها، ويعلق عليها بما يريد !

وحاله تقول للناس : أنا الرقيب العتيد !

وصدق الله العظيم حينما قال عن الإنسان (إنه كان ظلوما جهولا) .

إنني لا أشك أن هذا الإنسان لا يرضى أن يعامل بمثل ما يعامل الناس به اليوم ! حينما جعل نفسه خصماً وحكماً !

ألا فيتق الله كل امرئ في نفسه !

والدولة بأجهزتها الأمنية التي – ولله الحمد – أثبتت جدارتها وقيامها بمسؤوليتها أقوى قيام وأشده غنية عن هؤلاء المتطوعين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين !

وأنتم معاشر الناصحين لدولتهم وقبل ذلك أنتم ناصحون لأنفسكم لا تكونوا في مهب الرياح كل يميلكم حيث شاء فتصدقوا  كل ما ينقل أويقال أو يغرد به !

ثم تقومون إعادة تغريدة لهؤلاء المتقولين المجحفين فتشاركوهم إثم القول، وأذية المؤمنين

(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا)

وكما أنه رب كلمة تقول لصاحبها دعني، فرب تغريدة تقول لصاحبها: ليتك تركتني ولم تعدني !

 (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بمايصنعون) .

أيها الإخوة لم يعد سراً أن بلادنا حامية الحرمين، وراعية السلام ومهوى أفئدة المسلمين وفيها قبلتهم أنها محسودة على أمنها وإيمانها، وما فتحه الله عليها من زهرة الدنيا .

وأعظم ما بقلقهم وحدة صفهم، وصدق بيعتهم لولي أمرهم فهي بلاد لا تعرف الجماعات ولا البيعات ولا التحزبات وقد دفع الله عن هذه البلاد لطفاً منه ورحمة شيئاً عظيماً علمنا منه ولم نعلم كثيراً .

وما أخبار الذين دفع الله شرهم ومكن منهم رجال الإمن وحال بينهم وبين مرادهم إلا أخبار توجب الشكر لله، والدعاء لولاة الأمر ورجال الأمن وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن دعوة المسلمين تحيط من ورائهم أي: أنهم يحفظون بها وتكون حصنا من ورائهم .

ألا فلنستبق سبب الحفظ والأمن بتقوى الله عز وجل والتواصي بالثبات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتنبه لمكر المتربصين في دعواتهم لحراك وقودها الناس وخيرات البلاد وعاقبتها الفوضى وتعطل أمور الدين والدنيا والفساد .

فاللهم لا تفرح عدونا علينا، ولا تشمت بنا الحاسدين، ولا تجعل يدا علينا من المفسدين .

اللهم عليك بالرفضة وأعوانهم، وعليك باليهود والنصارى وإخوانهم..  



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:33 صباحًا الخميس 16 أكتوبر 1445.