• ×

admin

خطبة يوم الجمعة الموافق 7-6-1431هـ بعنوان تمويل الإرهاب

admin

 0  0  3.0K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إن الحمد لله ...
أما بعد:-
فلا رابطة أقوى من رابطة تقود الناس إلى رب العالمين، أفلست القومية العربية، وتزعزعت العصبية القبلية، وتبين نقص الجامعات الإقليمية .
فلا يجمع الناس عربهم وعجمهم، وباديتهم وحاضرتهم، وصغيرهم وكبيرهم إلا شيء صادر من خالقهم، بحيث من شذ عن هذا الجمع، أو تساهل في حق من حقوق هذه الرابطة خوف بعقوبة تساهله، وتوعد بيوم رجوعه إلى بارئه (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما).
(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)
وخير الناس هم أنفع الناس لناس
وقال معاذ بن جبل: خير الرجال الألوف، وشرهم العزوف.
والله تعالى يقول: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) (إنما المؤمنون إخوة) .
إن رابطة أخوة الإسلام لا تدانيها أي رابطة أخرى. من أجلها رخصت النفوس، وفي سبيلها قدمت المهج، ولأجل تحقيقها والمحافظة عليها عادى الإنسان أخص الناس به (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) .
لقد فاقت آثار أخوة الدين، ورابطة العقيدة آثار كل رابطة فالدافع في أخوة الدين مرضاة رب العالمين، وما يبذل في سبيلها يرجى خلفُه يوم الدين .
عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة فآخى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري فقال له سعد: أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا فانظر شطر مالي فخذه. وتحتي امرأتان فانظر أيتهما أعجب إليك حتى أطلقها لك، فقال عبد الرحمن بن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك.
تأمل موقف أخوة ومواساة ومثالا في الخير والمبادرات، قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ، فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِى النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ أي: قد لبسوا ألبسة خشنة من ألبسة الأعراب - مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) وَالآيَةَ الَّتِى فِى الْحَشْرِ (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ) تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ .
قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ قَالَ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيء) رواه مسلم .
ولا تزال إغاثة الملهوف وإعانة المحتاج، وقضاء حاجة ذوي الحاجات لا تزال من معالم مجتمعات المسلمين، والقائمون بها هم أفاضل الناس، يرجون ما عند الله ويرونها من أعمالهم الصالحة .
لما حوصر أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في بيته من قبل الخوارج الذين يريدون قتله أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَحَفَرْتُهَا أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ فَجَهَّزْتُهُمْ قَالَ فَصَدَّقُوهُ بِمَا قال\"
وفي صحيح البخاري: َأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا، وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا فَإِنْ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ، وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ .
وسلسلة المحسنين طويلة، وأبواب الإحسان واسعة عريضة.
كيف وقد تبين أن من أسباب النصر والرزق مراعاة حق الضعيف ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \"هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم\" .
ولأجل هذا حرَّم الله التعدي على حق الغير، وأخذ ما لا يستحق من مال غيره
(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) .
وألحق النبي صلى الله عليه وسلم الإثم والحرج على من تعدى على حق الضعيف فعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه و سلم : اللهم إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة) حديث حسن رواه النسائي بإسناد جيد .
(يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)


أما بعد:-
فلقد دخلت الأمة الإسلامية عدة ابتلاءات على مر العصور، وتعاقب الدول .
وتنوع تسلط الأعداء، وتفننوا في مكرهم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)
ولقد حاولوا جاهدين أن يربطوا ربطاً بعرى منفصمة وخيوط بالية بين عمليات الإرهاب والتخريب وترويع الآمنين التي إنكارها من أساسيات دين الإسلام وبين القرش الذي يصل للأرامل واليتامى ويعالج به المرضى، ويرفع به الجهل ليعيش من تصل إليه هذه الإعانات حياة سوية كريمة يدعى من خلالها إلى الدين الحق، وتبين له عاقبة التقوى .
حاولوا جاهدين أن يخلطوا الرطب باليابس، فالجمعيات الخيرية والمؤسسات كلها محل تهمة، وحاولوا نزع الثقة بها، وكف أيدي العاملين عليها، فحيل بين الفقير وكسرة الخبز التي يطعمها، والمريض المقعد والدواء الذي يخفف ألمه، والمنكوب الذي انهدم بيته على من فيه وبين أي سبيل يرفع نكبته، ويمسح الأسى بعد مصابه .
محنة من محن العصر (ليميز الله الخبيث من الطيب) (وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم)
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلون)
وعلى إثر ذلك وجب أن يبين وجه فساد خداع الشعوب ولعب الساسة، وأن تكشف الأيدي اليهودية خلف القضية .
ونحن معاشر المسلمين لم يستجد خبر في أصل الموضوع لو عقلنا كلام ربنا أليس الله تعالى يقول (أرأيت الذين يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين) .
وماذا يشكل من خطر ذلك اليتيم والآخر المسكين على قوم ثملوا غطرسة، واتخموا تسلطاً
وصدق الله العظيم في قوله (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم)
أيها الإخوة التحدث بنعم الله مما أمر به الله ونوع شكر مؤذن بزيادة (لئن شكرتم لأزيدنكم)
فقد أنعم الله علينا بدولة راعية للمشاريع الخيرية وسباقة في جهود الإغاثة فما أن يبدأ غبار نكبة على أمة من أمم الأرض يرتفع حتى تبدو من ورائه جسور الجو الإغاثية، وتوجيهات القادة بالمساعدات الفورية .
فالحمد لله أن جعلنا اليد العليا
وحتى يستمر الغطاء وتبقى الصفحة بيضاء، ويقطعَ دابر الشر، ويستمر عطاء الخير يأتي بيان هيئة كبار العلماء في هذه البلد موضحا أن هناك ما يسمى بتمويل الإرهاب بتوفير الأموال أو جمعها أو المشاركة في ذلك بأي صورة من صورة فمن شارك في ذلك عالما بحقيقة الحال فقد ارتكب أمراً محرما ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية.
وحتى توضع النقاط على الحروف، وتعاد ثقة العمل الخيري في النفوس، ولا يفتح باب لحاقد من متكلم أو كاتب جاء في ختام البيان (وتؤكد الهيئة أن تحريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم وعلاجهم وتعليمهم لأن ذلك ما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء) .ا هـ
أما أنتم معاشر العاملين في الجمعيات الخيرية أصحاب الجهود التطوعية فإليكم كلمات نيرات من ساحة الحرم من منبر إلى جنب الكعبة من إمام الحرم المكي كلمات صدق والله عليم بذات الصدور يقول:
العاملون في الجمعيّاتِ الخيريّة هم سفراء شُرَفاء، يحمِلون الإخلاصَ والحبّ مِن دولِهم ومواطنيهم، وعملُ الخير ينطلق من أفئدَتِهم قبلَ أن توزّعه أيديهم، ولا نزكّي على الله أحدًا، بل الله يزكِي من يشاء، ووقوع الأخطاءِ الفرديّة والاجتهاد الخاطِئ لا يؤثّر على القاعدةِ ولا يشوِّش على شرفِ المهمّة ونُبلِ أهلها.
إنَّ القائمين على الأعمالِ الخيريّة قد تجاوزوا مصالحَهم الذاتيّة وعاشوا لغَيرهم، بل عاشوا للفقراءِ واليتامى والمرضَى والأرامِل وأُسَر القتلى والشّهداء، وتفانَوا وضحَّوا وبَذَلوا في سبيلِ تحقيقِ المصالح العامّة ابتغاءَ رضوان الله.
ثم يقول: ومع الثقةِ الكبرى بجمعيّاتنا الخيريّة وهيئاتنا ورجالِنا فإنّ من الحزم والحقّ تحرّي الصّدق وتوخّي الشفافية والوضوح في جميع الأعمالِ والتزام الأنظمةِ المرعيّة والضبط في موارد المالِ ومصارفِه وإعلان ذلك للكافّة بالوسائل المناسِبة والدقّة في محاسبة النّفس من التزام الصّلاح والورَع وروح المسؤوليّة وإخلاص النيّة وصواب العمَل وحسن التسيير والتدبير، والله بما تعملون محيط.
فاللهم استعملنا في طاعتك ...




للاستماع للخطبة من هنا


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:28 صباحًا الجمعة 19 سبتمبر 1445.