• ×

admin

خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1431هـ

admin

 0  0  3.2K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله يبدي ويعيد، وأشكره وقد تأذن للشاكرين بالمزيد، قسم عباده إلى شقي وسعيد، لا يسأل عما يفعل، وهو الفعال لما يريد.

وأشهد ألا إله إلا الله الواحد المجيد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً إلى يوم المزيد .

الله أكبر الله أكبر ....

أما بعد: معاشر من صاموا شهرهم، واجتهدوا في صالح عملهم هاهو يوم عيدكم !

فأين رمضان تلك الأيام العظام، والليالي النيرة الكرام؟

أين لحظات الإفطار، ودعوات الأسحار، أين تلك العبادات التي أنورت بالليل وملأت النهار؟

(وتلك الأيام نداولها بين الناس)، سنة ماضية، ودورة كونية، نهايتها خالق البشرية، (وأنَّ إلى ربك المنتهى)، (ألا إلى الله تصير الأمور) .

سعادة المرء بطاعة الله، وعزه بخضوعه لربه.

بطاعة الله يعرف الإنسان معنى الحياة الحقيقة.

بطاعة الله ينشرح الصدر، ويعلو عند الله القدر.

بطاعة الله تهون على المرء منغصات الحياة، وتتوطن نفسه على كبدها، ونكدها .

(من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)

ومع كل هذا فالقرب من الله تبارك وتعالى لا يحرمك شيئاً من لذة الدنيا المباحة، أو متاعها الطيب (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) .

لقد آنست أيها الصائم القائم رِقة في قلبك، وذقت حلاوة الاستغفار، وشعرت بعز السجود، وأشرقت روحك لما تلوت آيات ربك، فهذا كنز لا يُقَوم، ورأس مال لا يعوض فلا تزهد فيه، واجتهد على بقائه، وثبت ما استطعت من هذه القربات ليبقى قربك من خالقك (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا)، (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) .

حينها يكون رمضان من مكاسبك الحقيقة ومن عمرك الباقي، و(الباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملا) .

يا من صام وقام: اعلم أن الناس كما تفاوتوا في أعمالهم فإن تفاوتهم أعظم في ثباتهم على هذا الدين في زمن كثر فيه الساقطون، وتعدد فيه المتلونون، فأمواج الفتن عاتية، وأسباب النكوص على الأعقاب متتابعة .

لقد أشفق العارفون من السلف من التلون في الدين ولا يوجد في زمنهم معشار ما في زمننا من الفتن، و الصوارف، وأكثر النبي صلى الله عليه وسلم من سؤال الله الثبات وهو المؤيد بالوحي، وقال: إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ؟

إن أعظم التغير أن يتغير فيه صاحب الشهوة، والنزوة ليكون صاحب شبهة فيتنكبَ الطريق، ويعرفَ منكراً، وينكرَ معروفاً .

وتلك والله قارعة القلوب، وباقعة المجتمعات والشعوب لا يَحْفظ الإنسانَ منها قوة ذكاء، ولا فطنة ودهاء بل ربما كان ذكاؤه وفطنته سفينة لإبحاره في عالم الضلال ودخول لجة الغواية فالعصمة من الله بتقوية الإيمان، والرسوخِ في هذا الدين، والبعدِ عن مواطن الزلل والخِذلان .

العالم اليوم عالم إعلامي، قرب بعيده، وأكثر الناس اليوم ثقافتهم ثقافة مرئية ومسموعة، فحيهلا بإعلام يبلغ رسالات الله، ويخشى القائمون عليه ربهم، بعد أن عرفوا ثقل أمانتهم .

حيهلا بإعلام علَّم وربى فعرف الشيخ والمرأة معالم دينهم وشروط صلاتهم، ومبطلات صيامهم.

وحيهلا بإعلام غرس في نفوس الناشئة كل فضيلة، وأوصل معلومة نزيهة إلى عقول أولادنا.

حيهلا بإعلام يقول بملء فيه ما قاله الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وتعريف الأمة بأعدائها نوع من الجهاد، وتبليغِ الدين

هذه بعض معالم الإعلام الإسلامي، وتلك جزء من رسالته.

فهل هناك غيره؟

نعم هناك إعلام يقوم على ترويج المخدرات .

وانتبه لا أعني بالمخدرات السمومَ البيضاء فتلك ضياع آخر، لا تزال تحمل همه الدولة أعانها الله عليه، وسدد جهدها.

ولكن مخدرات الإعلام هي التي تقوم على تخدير الفضيلة، وإماتة الغيرة، وتأجيج الشهوات ليصبح الشاب، ويتحول المجتمع إلى مجتمع مسعور بشهوة فرجه، بل والله كهولٌ عادوا مراهقين، وتحولوا صبية عابثين!!

أيها الإخوة أرقام مهولة من قنوات قوامها قصف العقول، وتمزيقُ كل خلق وفضيلة، وأضعافُ هذه الأرقام من مواقع النت .

وبعض هذه كلأ مباح، وأخرى لا يصل إليك جزء من ضلالها ولا يستحوذ عليك شيطانها إلا أن تدفع جزءا من مالك!!

الله أكبر، يبيعونك الضلال!!

ماذا يريدون ؟

(ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما)

(لا يألونكم خبالا-أي: كل ضرر يستطيعونه- ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) .

إذن انحل اللغز الكبير وعرف جوابه !.

ما تفسير التحرش الجنسي من أب ببناته، ومن متزوج بأخواته ؟

ووضعت النقاط حول قضية الابتزاز ! .

أمور مزعجة، وأخبار يقف منه الشعر، ويقشعر منه الجلد، هي نتاج تلك الخيانات الإعلامية !! .

فيا أمة محمد : عدُّوكم أعمل سلاحه في كثير من بلاد المسلمين، وبسط يده القذرة عليها فهو يقصف عسكرياً شعوباً أبت إلا العزة، ثم هو على صعيد آخر يقصف عقول أبنائها ليلبسهم ثوب الذِّلة .

فبالله عليكم كيف النجاة إذا اجتمع على أمة قصفان؟ .

(وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط) .

ولن يخرج الأمة من ضيقها إلا بالرجوع إلى ربها، (ولن يصلح آخر الأمة إلا ما أصلح أولها) .

الله أكبر الله أكبر ...

أيها الإخوة فتح الله علينا في هذه البلاد ما لم يفتح على غيرنا

(ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)

صيفنا موسم سفرياتنا، وشتاؤنا لمخيماتنا، وطولِ سمرنا، وتنويعِ موائدنا .

(بلدة طيبة ورب غفور)

فهل قدرنا هذه النعمة حق قدرها،

(انظركيف فضلنا بعضهم على بعض)

فصارت بلادنا مهوى أفئدة كثير من الناس، والقدوم إلى هذه البلاد، والعيش فيها أمنية يسعى لتحقيقها طوائف من عباد الله .

أيها المسلمون: سر تميزنا في هذه البلاد لم يأت من رقعتنا الجغرافية، ولا مساحتنا الأرضية.

كيف، وما أكثر البلاد التي هي أوسع منا أرضاً .

وليس تميزنا الحقيقي بما نملكه من ثروتنا البترولية، ولا القوة البشرية، ولا الأيدي العاملة، وفي الوجود من هو أكثر منا مالا وأعز نفراً .

فتميزنا الحقيقي في ديننا، وقوتنا في طاعة ربنا، وشرفنا خدمة الحرمين، وتطهيرُ البيت للطائفين، والعاكفين والركع السجود، وضيافةُ الحجاج والمعتمرين، ومد يد العون لنصرة المظلومين، وجسور الإغاثة وقوافل النجدة للمنكوبين، ولا تزال ولله الحمد يدنا هي العليا .

فإذا عقلنا ذلك جيداً، فقد قال عمر رضي الله عنه : \" إنا كنا أذلَّ قومٍ فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله \"

والمحافظة على هذا التميز تقتضي التمسك من ديننا بالعروة الوثقى لا انفصام لها في زمن كثر المتنصلون منه، وتساقط المتخاذلون.

فطلبوا العزة في مناهج مشرقة أو مغربية.

فأضاعوا دينهم، ولم يحصلوا مرادهم .

(خسر الدنيا والآخرة) .

فرفقاً بأنفسكم يا من ظن تميزنا حينما نقبل مناهج التغريب جملة وتفصيلاً، وأرادوا مجتمعنا أن يتحول إلى قطعة من المجتمعات الغربية فقبلوا كل وافد، وتبعوا كل ناعق زاعمين أن هذه متطلبات الحياة الجديدة، ومستلزمات للتقدم والرقي في حين أنَّ من الدول الكافرة ما لم يذعن للهيمنة العالمية المزعومة أمريكية كانت أو غيرها، ورفضت الثقافات التي تقاطعت مع ثقافاتهم، وصارت عبء على أدبيات مجتمعاتهم .

أليس المسلمون أولى بهذا الرفض، وأجدرَ بالاختيار والانتقاء، والمنافسة للارتقاء؟! وهم يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله، ويدركون ضريبة الخضوع، ووصمة عار الذوبان، وفي بلاد قريبة من ديارهم عبر وعظات، وفي التاريخ مثلات.

لقد ارتمى ثلة ممن قلَّ توفيقهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ارتموا في أحضان الأجنبي، وركبوا موجة تغريب الأمة، وصاروا مطايا لتحقيق مطامع أعداء الملة بقصد منهم، أو بغير قصد، فأشربت قلوبهم حب الفكر الوافد بلا تحفظ على شيء منه، ثم نكسوا على رؤوسهم ذامين طريقة قومهم، ناسبين كل تخلف إلى ثقافتهم، حتى لو احتاج الأمر أن يصححوا أدياناً باطلة، ومذاهب فاسدة لفعلوا متخطين قول النبي صلى الله عليه وسلم « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ » رواه مسلم .

ومن مستلزمات هذا التيار الجارف الذي ركبوه هو التصدي لكل من يقاوم حركتهم التنويرية الإصلاحية المزعومة.

فتمردوا في كتاباتهم ومواقعهم ومقابلاتهم الإعلامية تمردوا على ثوابت الدين، وفضائل الأخلاق ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .

وحتى يتم كيدهم، ويحكموا خيوط مكرهم .

يدعون أن ما انتهوا إليه هو حلول عاجلة لا تقبل التأخير، ولا مجال للمماكسة، وأن ما أتوا به هي مطالب شعبية، وهو رأي السواد الأعظم، ومن ليس على شاكلتهم هو جاهل بمتطلبات العصر. أرأيت !!

ثم من تأدب معهم بنقد، ولعلهم يتذكرون فالويل له فهو إرهابي، وله اتصالات بالتكفيريين، ومرتبط بتنظيم القاعدة .

ومن قام بفرض الكفاية فأمرهم بالمعروف، أو نهاهم عن منكر فهذه وصاية مرفوضة عندهم .

الله أكبر ... أي فوضوية يعيشونها تحت مظلة حرية الرأي زاعمين، وعلمانية العصر، وليبرالية يخادعون بها فقالوا: إسلامية.

ثم جهدهم مضاعف، وهم أصبر من ضب[1]، وجلدهم جلد عَيْر في تغييب علماء الأمة عن أبناء الأمة، وفي تتبع ما يسقط هيبتهم، ويسحب البساط من تحتهم في زمن تعظم فيه كل الأمم علماءهم، وتحفظ حقوق مراجعهم فماذا يريد هؤلاء؟

نعم يريدون أن يخرجوا العربة عن مسارها ليأتي الرويبضة منهم، أو من رُبي على أعينهم ليقول: إليَّ عباد الله فما أريكم إلا ما أرى ؟

هذه بعض أوصافهم وقد صدروا أنفسهم مصلحين، ساعين في شؤون المواطنين .

ثم بعد ذلك، ما أعظمهم عند أنفسهم فهم أدباء الكلمة، ورواد الأعمدة الصحفية، ينفخ بعضهم في إهاب بعض، ووالله إنها جعجعة ولا نرى طِحنا[2]!

وإنما بضاعتهم بضاعة مزجاة، قصص مغسولة، وروايات تحلل وضياع، يسطر من خلالها الزنا ومقدماته، ويمجدون الشاذين، ومن يأتون الذكران من العالمين!! .

فهذا أدبهم، وهذه قصصهم !!.

مجاهرة بالمعصية، دعوة للفاحشة، ونخشى عليهم سلب العافية لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)

فما أصعب بلاء الأمة بهم، وما أشدَّ مراحلَ تمحيصها منهم !

خرج عليها عصبة من أبنائها بالتكفير والسلاح، وهاهي عصبة أخرى تخرج عليها بالنهيق والنباح .

ولو كلُّ كلبٍ عوى ألقمته حجراً *** لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينارِ

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم نباح الكلاب أو نهيق الحمير من الليل فتعوذوا بالله فإنهم يرون مالا ترون)

الله أكبر الله أكبر ...

أيها الإخوة: لقد كانت التربية تأتي متزامنة مع بقية مهمات الحياة .

أما الآن فالتربية لا بد لها من تفرغ ذهني، وبدني، ووقتي وهذا ما لم يستطعه، أو لم يحاوله كثير من الناس فاخفقوا في سياستهم لأسرهم ورعايتهم لأبنائهم فهربوا إلى غير شيء في استراحاتهم وجلساتهم .

ووكلوا أمور بيوتهم إلى نسائهم، وتخلوا عن قوامتهم، فالزوجة هي المسؤولية عن أولادها فأمور معيشتهم إليها، ودراستهم، وخروجهم ودخولهم .

فهشت الرابطة الأسرية، وتصدعت جوانب من العلاقة الأبوية فأين هم من قول النبي صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)

وأعظم إضاعة إضاعة حق الرعاية والتربية، والتخلق بكل جميل ليكون الأب قدوة صالحة لأهل بيته.

أيها الآباء: عودوا إلى بيوتكم، احتسبوا أذية أولادكم، ولينوا معهم، وتعرفوا على اهتماماتهم وشاطروهم همومهم فقربك من ابنك وجلوسك إلى بناتك لا تقلل من شأنه .

تفطن أنه من أجل العبادات، ويدفع الله به من الشر الشيء العظيم !!

أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأزواج وقال: (لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)

فلا يكن الطلاق سلاحاً مصلتاً بيدك تشير به إن تأخر عشاؤك، وترفعه إن لم يفهم كلامك، ولم يسارع في تحقيق غرضك .

فسهولة الطلاق عليك دليل ضعفك وليس دليل قوة ولا رجولة، وهو شماتة الأعداء وحسرة الأصدقاء .

وهو دليل حظ الشيطان منك حينما تُطَلِّق عدة تطليقات، أو تظاهرُ من زوجة بينكما عِشْرة سنوات .

أيها الأب المبارك، والولي الموفق لا ننشغل بإصلاحك فنحن بحاجة إلى إصلاح منك، ولا نرغب في إطالة وقت في نصحك فالنصح ننتظره منك لأهل بيتك .

الله أكبر الله أكبر ...

معاشر الأبناء من الشباب: ارفعوا أنفسكم حيث رفعكم الله .

صلاتكم عزكم، وصلتكم بربكم، وشراحية صدوركم، وسبب لتيسير أموركم فلا يغلبنكم عليها شغل ولا هوى، وإياك أن تُصَلِّيها في البيت كما تصلي أختك، فصلاة الرجال في المساجد حيث ينادى لها.

اتقنوا دراساتكم، أخلصوا في وظائفكم، اصدقوا في تجارتكم، لا يدر في خلدك أنك مستغن عن بيتك، وقد جاوزت حاجتك لأبيك، ثم عن ناظريه تغيب، أو لصدق نصحه تعيب!!

لا تقبلوا الدنية في دين ولا دنيا، خطوا طريقكم في هذا الزمن العصيب، لا ترضوا بالبطالة تحت أي ستار، ولا تقدموا معاذير لأنفسكم، وتلوموا زمنكم فلن ينتظركم أحد، ولكم أسوة بمن علت هممهم فهم يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله، رضوا بالمهن اليدوية، ودخلوا الورش العملية، وقنعوا برواتب قلَّت في وظائف الشرف، بعد أن نبذوا عيشة الدلع والترف.

فلا سواء ولا مقاربة بين حياة الكرامة، والبقاء عالة، ولا سواء ولا مقاربة بين لقمة العيش من كسب اليد، و أخذها من أوساخ الناس صدقة أو زكاة .

الله أكبر ...

أيها الشاب المبارك: وأنتِ أيتها الشابة المباركة: قدر الله لك ومشيئته النافذة أنك لم تدرك جيل الصحابة، ولا تابعيهم بإحسان، ولم تعش في القرون المفضلة، ولكنك في زمن تداعت فيه مضلات الفتن، والأجر على قدر النصب، وثاني أنواع الصبر الصبر عن معصية الله، وَإِنَّ منْ وَرَائِكم أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ

فأر الله منك خيراً.

وأدرك أن تيسر الوصول لما حرم الله في حضر، أو سفر لا يعني خفة الذنب ولا سلامة العاقبة .

الله أكبر الله أكبر ...

صدق الله العظيم (وتحبون المال حباً جماً) فلا تخطئ طريقه، فالرشوة سبب لجمع المال، ولكن كيف تخرج من قول النبي صلى الله عليه وسلم :\"لعن الله الراشي و المرتشي و الرائش الذي يمشي بينهما\"

سمها أتعاباً، وهدية أو إكرامية .

فالبعرة تبقى بعرة وإن تواطأ أناس أن يقول: إنها تمرة.

كثير من القروض البنكية سبب لجمع المال، بل للثراء السريع يبيعونك الهواء لا تمسك شيئاً، لا قابض ولا مقبوض، فتخرج وقد تنفست الصعداء بجيب ممتلئ، ثم إذا استفقت، وفتحت عينيك فإذا حبالهم قد لفت على عنقك، وصاروا يعبون راتبك أول استهلاله ثم لا تكاد تجد فيه نفقة نصف الشهر !!

فهل يجوز لك هذا، وأنت مسؤول عن بيت وأولاد ؟.

وأنتم يا أصحاب المعاريض، ويا ملأت الاستبنات مشت أوراقكم من عند الموظف، أو مُشِّيت!!

هل أنتم من أصحاب تلك الإعانات التي قدمتم عليها والإثم ما حاك في نفسك، ودع عنك عمل الناس .

يا محب المال هذه الطرق، والسراديب لم تزد أصحابها إلا حاجة إلى حاجتهم، وفقراً دقَّ عظمهم .

فلا ديونٌ قضيت، ولا مجاراةٌ للأغنياء حصلت، وإنما ينال عطاءُ الله وبسطُ رزقه بطاعته (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)

الله أكبر الله أكبر ...

ختام كلامنا ...

بنيتي ، وأنت يا أخيتي: ما ظنك برب العالمين ؟

أليس من خلق أحق أن يعبد، ومن حقت له العبادة، فهو الآمر الناهي (ألا له الخلق والأمر)

فبدأت منازعة الرب أمره (فسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما)

(ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما)

معركة طويلة إلى يوم يبعثون !

ولعظم الطرق وشدته

جاءت توجيهات الله (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن)، (فلا تخضعن بالقول)، (وقرن في بيوتكن) (ولا تبرجن) .

توجيهات ربانية حقها أن تقابل بسمعنا وأطعنا .

فأين السمع والطاعة ممن قبلت أن يسمع صوتها ويطرب لضحكاتها عبر إذاعة خدعوها قالوا: مشاركة، أو مداخلة، أو معايدة ؟.

أين السمع والطاعة ممن قبلت العبث بالعباءة ولبستها ضيقة مكممة ملمعة؟ .

أين السمع والطاعة ممن رضيت من غطاء الوجه بلثام، وقالت: إنه نقاب، والله ما هو بنقاب، ولكنه نقب في جدار الحياء، وفتنة يضعف أمامها الأقوياء ؟.

يا أمة الله دخلت حياتك أمور التقنية فأقتنيت الجوال بأعلى مواصفات، واشتغلت على الحاسب وحزت فيه الدورات فلا تنسي أن هذه من نعم الله عليك في هذا العصر، وهي وسائل اتصال وتقريب البعيد، وتيسير كثير من الأمور فمتى خرجت عن هذا الحد، وذهب باقتنائها شيء من دينك، وتوصلت من خلالها إلى أمور منكرة، أو وصل من خلالها من يلح عليك بسماع صوتك، فلا يزال يستدرج منك الكلمة تلو الكلمة، ثم توكيداً للعلاقة البريئة، هاهو يرغب في نظرة، ولو كانت من خلال صورة خاطفة، وهو في كل هذا لا يريد الشر، ويستعيذ بالله أن يسئ إليك، ويقسم على نزاهته، وصدق لهجته، وصدق الله العظيم (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) يتم كل هذا على حين غفلة الرقيب، مبديا لين القول، ونعومة الكلمة فحينها انقلبت النعمة نقمة، في خطوات متسارعة، وثمنها إن لم تستدركي، وتتيقظي ثمنها مستقبل حياتك، وسمعتك، وعاقبته غضب من ربك لا يزال يلاحقك شؤمه حتى يدخل معك قبرك. فهذه خطوات الشيطان في مواقع الدردشة، والغرف الالكترونية حفظك الله من كل سوء .

إماء الله منكن من كانت سكينة لبيتها، وطمأنينة لأفراده، ورحمة لزوجها جمع الله بها شمل الأسرة فهي عون في كل خير، وجدت عنت الحياة فاستعانت بالله، صبرت على جفاء الزوج، وتمرد الأبناء مؤملة فرج الله، وقُرْب غِيره.

إماء الله منكن الناصحات ورد الله بجهودهن جملة من الغافلات فهي الناصحة عن منكر اللباس في الأفراح والاستراحات .

إماء الله منكن من تنبهت لخطر تجمع البنات بعيدات عن أعين أهلهن في مناشط سياحية، أو في حفلات نجاح، أو أعياد، في مطاعم أو أسواق تنبهن أن هذه بوابة ضياع يلج منها مرضى القلوب، والخوف من العاملين في هذه الأماكن قبل غيرهم حينها يكون حامِيها حراميَّها.

إماء الله منكن من بلغت مبلغ رجاحة العقل، وقوة الديانة فلم تتعثر بلمز جهود الداعيات، ولم يرق لهن تورط بعض بنات المسلمين في شيء من الاختلاط، ونزولهن ميادين عمل لم يخلقن لها

وهن على يقين أن هذه الطائفة من بنات المسلمين هي طائفة نشاز، لا يمثلن إلا أنفسهن، (وسيعلم الذين آمنوا أي منقلب ينقلبون) .

هذه النظرة الصائبة هي صمام الأمان للمجتمعات، وبها يشرق دعاة إفساد المرأة، وتتبدد أحلامهم الإبلسية، ويتناثر عقدهم، ولكن الثبات على هذا (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا ترجون)

الله أكبر الله أكبر ...

أيها الإخوة: جعل الله الدنيا طريقاً إلى الآخرة، واليوم الذي يذهب إنما يذهب بك، ويأخذ منك، وبمقدار ما تُمضي إنما هو إلى نهايتك تمضي .

فهل تقوى هذه الحقائق على كشف غشاوة غفلتنا، وإزاحة سكرة قلوبنا ؟ .

فاللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .

اللهم إنه من أبنائنا وإخواننا من هم مغتربون في بلاد الكافرين اللهم احفظهم في أبدانهم وأديانهم ولا تخيب رجاء ذويهم وأمتهم فيهم .

اللهم إن هذا اليوم يمر على عباد لك في أماكن كثيرة لا تخفى عليك اللهم فارحم ضعفهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، واجمع شملهم، ومكن لهم في ديارهم، واحفظهم من التفجيرات وآمنهم في دورهم .

اللهم عليك باليهود الظالمين، وعليك بالنصارى الحاقدين، وعليك بالرافضة المنافقين، اللهم عليك بالرافضة الذين يؤذون عبادك، ويسبون صحابة نبيك، ويلعنون زوجاته أمهات المؤمنين، ويخصون من برأتها في كتابك إلى يوم الدين .

اللهم أبطل سعيهم، وفرق جمعهم، ولا تقم لهم راية واجعلهم لغيرة عظة وآية ياقوي يا عزيز .

اللهم احفظ علينا أمننا، ووفق بتوفيق من عندك أمامنا، وقوه في الحق، وقو الحق به .

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم.

وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم الرجوع من مصلى العيد من غير طريق المجيء ...

وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن صلى العيد أن يتخلف عن صلاة الجمعة، ويصليها ظهراً في وقتها والحمد لله رب العالمين .




[1] مجمع الأمثال - (1 / 417)

أَصْبَرُ مِنْ حِمَارِ و \" مِنْ ضَبٍّ \" و \" مِنَ الْوَدِّ عَلَى الذُّل \" و \" مِنَ الأثَافِي عَلَى النَّارِ \" و \" مِنَ الأَرْضِ \" و \" مِنْ حَجَرٍ \" و \" مِنْ جِذْلِ الطِّعَانِ \"



[2] مجمع الأمثال - (1 / 160)

جَعْجَعَةً ولاَ أرَى طِحْناً، أي أسمعُ جَعْجَعَةً والطِّحْنُ : الدقيق فِعْل بمعنى مفعول كالذَّبْح والفِرْق بمعنى المذبوح والمفروق يضرب لمن يَعِدُ ولا يفي





للإستماع للخطبة (الجزء الأول) هنا
للإستماع للخطبة (الجزء الثاني) هنا


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:11 صباحًا السبت 11 أكتوبر 1445.