• ×

admin

خطبة من هو المستفيد من رمضان /الجمعة4-10-1429هـ

admin

 0  0  2.8K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إنَّ الحمد لله نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله ..

أما بعد :-

فلن تجد يا عبد الله للحياة معنى ، ولا للعافية طعماً حتى تكون على الطاعة مقيماً ، ولمراقبة سرك قبل علانيتك مديماً .

ومن رحمة الله بعبده الفقير أنَّ يسَّر له طرق الخير ، ونوَّع له أبوابَ الطرق فحاجة العبد لربه أكبر حاجة ، وضرورته إليه فوق كلِّ ضرورة ، قد يستغني الإنسان بأصحابه ، ويجد الأنسَ مع أولاده ، ويعيش لحظات السعادة مع هواياته ومحبوباته ، ولكن في النهاية لا ملجأ من الله إلا إليه ، ولا حول له ولا قوة إلا به .

ففروا إلى الله ، (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )

فمتى استشعر العبدُ فقره إلى الله فقد حاز الغنى كلَّه ، ومتى اشتغل بطاعة مولاه فقد حصل السعادة وعاش الحياة الطيبة ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )

وإن الله جعل مواسمَ تنشطُ فيها الهمم ، ويزدادُ فيها عملها وتتقوى بها لبقية عامها ، فبماذا انقلبت يا عبدَ الله - من رمضان ؟

وما هي حصيلتك الإيمانية من تلك الأيام العامرةِ بالصيام ، والليالي المتوجةِ بحسن القيام ، خشوع في القراءة وإطالة في دعاء ؟

ونهيٌ للنفس عن الهوى ، تركت طعامك وشرابك وشهوتك من أجل الله .

أتظنها تمر بلا أثر أو تأثيرٍ ؟

كلاً فهي محطات إيمانيةٌ ، ورياض من رياض العمرُ ، ينقلب المؤمن منها بنفس راضية ، وهمة عالية .

إنَّ من أول ما يهتم به المسلم بعد رمضان حتى نقولَ إنه قد استفاد من رمضان هو المحافظة على الفرائض والاهتمام بما أوجب الله على العبد .

يقول الله تعالى (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ مما افترضته عليه)

وإنَّ أول ما يهتم به من الفرائض هي الصلوات الخمس التي كتبها الله على العباد فمن حافظ عليها كان له عند الله عهدٌ أن يدخله الجنة

وقال النبي صلى الله عليه وسلم \" أول ما يحاسب عليه العبد من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر \" [1].

فالمحافظة على الصلوات مفتاح للمحافظة على كلِّ خير فهي مفتاحٌ للمحافظة على نوافل العبادات فمن حافظ على المكتوبات في طهارتها وأوقاتها وأركانها وواجباتها وصار من السَّبَّاقين لها أخذاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا \" .

وهو في نفس الوقت حذِرٌ أن يكون ممن قال الله فيهم : ( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى )

وممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : \" ليس صلاة أثقلَ على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً \" متفق عليه .

من حافظ عليها بهذه الصفة سهل عليه اتباعها وتكميلها بنوافل الصلوات ، فسوف يجد في نفسه شوقاً إلى الرواتب الاثنتي عشرة ركعة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم \" ما من عبد مسلم يصلِّي لله تعالى كلَّ يومٍ ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة \" رواه مسلم

\" وهي أربعٌ قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل صلاة الفجر \" [2] .

بل سوف يجد في نفسه شوقاً عظيماً إلى ركعات يركعها من الليل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم \" أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل \" رواه مسلم .

وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" إذا أيقظ الرجلُ أهله من الليل فصليا أو صلَّى ركعتين جميعاً ، كتبا في الذاكرين والذاكرات \" رواه أبو داود بإسناد صحيح .

وفي هذا كله يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه)

ثم بعد هذه المحافظة على المكتوبات وما تبعها من نوافل الصلوات تبقى الصلاة مانعة عن كل سوءٍ ، داعية لكل خير

قال الله تعالى ( إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )

فأبعد الناس عما يستفحش من المعاصي التي تشتهيها النفوس ، وأبعد الناس عن كلِّ معصية تنكرها العقول والفطر هم أهل الصلاة حيث استنارت قلوبهم وازداد بها إيمانهم فهي أفضل عبادة تقع منهم ، وفيها من عبوديات الجوارح ما ليس في غيرها [3].

وبعد اعتناء العبد بصلاته فرضها ، ونفلها ، فله اعتناءٌ في العبادة التي اختص الله بها قال الله تعالى \" الصوم لي وأنا أجزي به \"

فهو متزود من الصيام ما استطاع متحيناً الأوقات الفاضلة ، والمناسبات المضاعفة ، مستغلاً الأيام القصيرة الباردة \"ومن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً \"

وهذه حاله مع الصدقة والذكر وصلة الأرحام وسائر الطاعات ، وأنواع العبادات ممتثلاً قوله تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)

وفقني الله وإياكم لفعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وثبتنا بقوله الثابت حتى الممات .

أقول ما تسمعون وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين .















الحمد لله على إحسانه

أما بعد :-

فمما يعينك أيها العبد على نفسك أن تتعرف على فضائل الأعمال ، ومواطن الأجر فلله أعمال خصَّها بمزيد أجر ، وعبادات رتَّب عليها ثواب وفضل .

فأخبر الله أنَّه مع المتقين والمحسنين (إنَّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)

وهذا في كل زمان وفي مكان فمن حقَّق التقوى واجتهد في الإحسان في عبادة ربه ، ومعاملة خلقه ، فالله معه ، ورحمة الله قريبة منه .

(إنَّ رحمة الله قريب من المحسنين)

فما أجمل الطاعة إذا اتبعت بطاعة ، وما أجمل الحسنة تتلوها الحسنة ، وما أحسن الإحسان يتلوه الإحسان والمعروف يتلوه المعروف ، والخير يتلوه الخير .

(والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)

(ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير مرداً)

(إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم)

وإن من الحسنة بعد الحسنة ما حدَّث به أبو أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : \" من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر \"

· يصومها الإنسان مجتمعة أو متفرقة .

· وقد جهل بعض الناس فبدؤا يصومون الست من شوال وعليهم قضاءٌ من رمضان والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من صام رمضان، ومن عليه قضاء من رمضان لم يصمه بعد .

عباد الله : إن ساعات الحياة هي منية الأموات ، فيتمنَّى المرء بعد انقضاء أجله ركعة تكتب في صحيفة أعماله ، أو تهليلة أو تسبيحة أو استغفارا يصلح بها شيئاً من حاله ومآله .

فالأعمار لا قيمة لها فتباع ، وسنة الله ألا يسترجع منها ما فُرِّط فيه وضاع ، ولكن الله جعل مستدركاً للعبد من غير انقطاع (إن الله يبسط يده بالله ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) .

(وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً)

فكما خلَّفتم أيام رمضان ولياليه سوف تخلفون أيام أعماركم ولياليها (والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني) .

والأيام سائرة بالناس وإن لم يريدوا ، ولا بد لكل سائر من وصول ، وكل راكب وإن طال ركوبه من نزول ، والدنيا مبنية على الانقضاء ولا بدَّ بأهلها أن تزول

(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون)

فاللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ، وبارك لنا في أعمالنا ...

[1] رواه الترمذي ، وقال : حسن .

[2] رواه الترمذي .

[3] بتصرف من السعدي







ملخص الخطبة

1 - بيان افتقار العبد لربه

2 - من هو المستفيد من رمضان

3 - أهمية الصلاة، وتكميلها بالنوافل

4 - العناية بصيام النفل ومنه الست من شوال



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:50 مساءً الخميس 18 سبتمبر 1445.