• ×

admin

خطبة الجمعة 29-3-1432هـ بعنوان تشابه الظلمة

admin

 0  0  3.7K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله

أما بعد :-

فاستمسكوا بعقيدتكم وافرحوا بكمال دينكم وتمام نعمة ربكم، وإنَّ من أهم ما يستمسك المرء به في هذه الأزمنة هو دينه الذي به نجاته وعليه سعادته .

فالله تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظروا إلى قلوبكم فحققوا الإيمان وتفقهوا في الدين، وتعرفوا على أعدائكم ، وقفوا على كيدهم ومكرهم، واعلموا أنَّ هذه الشريعة السمحة الخالية من الغلو والتطرف المبنية على الاعتدال بين حق الخالق والمخلوق فلا تنزل الخالق عما يجب له (وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم) ، ولا ترفع المخلوق فتعطيه شيئاً من حقوق الخالق (قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً) فهذه توجيهات الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فغيره أولى بالافتقار إلى الله فالمخلوق مَلكاً أو مِلكاً صحابياً أو غير صحابي = لا يملك لأحد ضراً ولا رشداً بل هو لا يملكه لنفسه ولا يجد من دون الله ملتحداً ...

أرأيتم سلامة النهج ووضوح الصراط والمنهج

(قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)

ولكن هذا الصفاء في العقيدة هناك من يريد نكديره ، و يسعى في النهويش عليه والدعوات ضد المنهج الحق قديمة قدم الحق، (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) .

وليس الخطر أن يصادم الحق ، ولكن الخطر أن يُلَبَّس بالحق فيظهر الباطل بثوب الحق ، ويلبس الذئب جلد الضأن، وتنطلي ابتسامة الصدق بابتسامة المكر والخديعة .

أيها الإخوة : إن المكر بعباد الله الصادقين على اختلاف أزمنهم سنة إلاهية ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا عن بينه، وفي كتاب ربنا جل وعلا جملة من قصص الماكرين بأولياء الله المستضعفين (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون) .

(ومكروا مكراً ومكرنا مكرنا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين)

وإن القارئ لكتاب الله تعالى يستوقف عند قصة قصها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو في مكة قبل أن تقوم له دولة أو تقوى له شوكة ، وفي ذلك إيحاء أنَّ هذه الأمة ستبتلى كما ابتليت الأمم السابقة ، وسوف يلحقها من الاستضعاف نظير ما لحق المسلمين الأولين .

يقول الله تعالى : (والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد و شاهد قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السموات والله على كل شيء شهيد)

قتل جماعي وتصفية بشرية لطائفة ذنبها الإيمان بالله، هذا الذنب الذي ذهبت بسبب أمم ، وتسلط به ظالمون على شعوب على مر السنوات وتعاقب الفترات .

أما أحداث الآيات فإن النبي صلى الله عليه وسلم يرويها مفصلة فاستمع لها فعن صهيب الرومي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبِر قال للملك: إني قد كبِرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء فسمع جليس للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : كل هذه الهدايا لك إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله لك فشفاك .

فآمن ذلك الرجل بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك ؟ قال ربي قال أولك رب غيري ؟ قال ربي وربك الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فجئ بالغلام فقال له الملك أي بني قد بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجئ بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار على مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جئ بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جئ بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه فاتركوه، وإلا فاطرحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك ؟ قال كفانيهم الله فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به، فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك ما فعل أصحابك ؟ قال كفانيهم الله . ثم قال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال وما هو ؟ قال تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ، ثم تأخذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد والله نزل بك ما تحذر قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت (أي : أمر بحفر كبيرة فحفرت ثم ملئت ناراً) وأضرم النيران وقال من لم يرجع عن دينه فألقوه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست، وتأخرت أن تقع فيها فقال لها الغلام يا أمه اصبري فإنك على الحق ) رواه مسلم

تثبيت من الله

أقول قولي هذا ...

































الحمد لله رب العالمين ...

أما بعد :-

فما أعظم أخبار القرآن، وقصصه!

شفاء لما في الصدور، وسلوة وتثبيت للقارئين، وهدى ورحمة للمؤمنين .

فما قصه الله علينا عن الأمم الغابرة وتسلط الأعداء على المستضعفين أصبحنا نشهده في هذه السنوات الغثائية في أكثر من موقع من بلاد المسلمين فتحولت أراضيهم إلى مسارح للقتل والتشريد وأصبحت دماء المسلمين أرخص ما تكون يقتل المسلمون بالعشرات، والمئات وتزهق أنفسهم على مرأى، ومسمع من العالم، ولا تزال القيادات تعلوها السكينة والوقار .

والذي قال لشعبه سأقلب البلد ناراً حمراء، وجمراً، فإما أن أحكمكم، أو أقتلكم .

سلفه ما قصه الله عن الظالم في خبر أصحاب الأخدود فلم يأت بجديد .

(قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين)

فما أشبه الظالم المتأخر بالظالم المتقدم .

(أتواصوا به بل هم قوم طاغون) .

والمتأمل في تصريحات الرؤساء الذين لفظتهم شعوبهم، وينظر حالهم وهم يستعطفون شعوبهم، ويستميلون عواطفهم، ولولا الحياء ربما جاشت بالبكاء نفوسهم، وأمطرت بالدموع عيونهم .

المتأمل يقرأ في وجوههم شيئاً من معنى قوله تعالى (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) نعم الحياة الرئاسية، ومنصة الأمر والنهي، وكرسي العلو.

وربما خالطها شيء من الحرص على الحياة البقائية، وخشية من انقطاع الأنفاس، وقد أسود ماضيهم فلا يأمنون بطش من ظلموهم من الناس .

وأما وعودهم ومواعيدهم فاقرأ فيها قوله تعالى (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) .

كل هذا في القرآن، وصدق الله العظيم (ما فرطنا في الكتاب من شيء) في عبارة أو إشارة .

أيها الإخوة طال التفاتنا نحن المغرب، وآلمتنا رقابنا، (ولكل أجل كتاب)، وفي المشرق (حيث يطلع قرن الشيطان) لنا التفاتة أخرى، وقضية .

فالذين سبوا أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنه)، وشابهوا اليهود في مقولتهم في مريم هل تذكرهم ؟

لا أظنك تنسي .

المهم، لهم حراك عقدي، وتوجه جاهلي طائفي، ولهم مطالب في دولة البحرين ظاهرها الإصلاح والرحمة، وباطنها العذاب والنقمة .

وصدق الله العظيم (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا و لا ذمة)

وما مملكة البحرين إلا محطة تجربة، و مكان مقايسة لما بعدها!!

فاستيقظوا أيها المسلمون وخذوا حذركم كما أمركم ربكم (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم)

وإن أول خطوات أخذ الحذر العلم بمكر الأعداء والتبصر بحقيقة المجرمين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون .

(وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)

ثم لتعلم أن تبين حقيقة العدو يعني أن تعرف العدو على حقيقته غير متأثر بالتضليل الإعلامي الذي عمَّ في هذا الزمن وطمَّ ،

إن التبصر بحال العدو لا سيما من المربين وأصحاب الكلمة والتأثير في مجالاتهم متعين عليهم .

ثم يا قوم ألم يأن للذين أكبوا على ما يغضب الله أن يراجعوا أنفسهم وأن يصدقوا الرجوع إلى ربهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال)

فانصروا دينكم بتوبة صادقة إلى ربكم وأنتم ترون الأمم قد أحاطت بكم والأعداء جادون في إيصال كل ما يسوءكم (لا يألونكم خبالاً) .

وضعوا أيديكم في أيدي ولاة أموركم تعاونا على البر والتقوى، ودعوة في الغيب، ونصح في القول والعمل .

وخذوا العبر ... والسنن الكونية التي أجراها الله على عباده لا تبديل لها (ولن تجد لسنة الله تبديلاً)

فاللهم هيأ للمسلمين من أمرهم رشداً

اللهم إنا نسألك ونحن نشهد ألا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحداً ....


للاستماع للخطبة من هنا


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:15 مساءً الجمعة 19 سبتمبر 1445.