• ×

admin

خطبة الجمعة بعنوان (ألا تركت الشيخ)؟

admin

 0  0  288
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إن الحمدَ لله ...

أما بعد:-

فقد فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل الناس في دين أفواجاً.

وفي هذه الأجواء الروحانية، والبهجة الإيمانية له وقفة مختصرة .

اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ساعة الفتح فجلس في المسجد الحرام فما كان من أبي بكر إلا يتحين فرصة لينسل من بين هذه الجموع الفاتحة ليذهب إلى شيخ طاعن في السن في التسعين من عمره، قد كف بصره، وضعفت قوته .

تسلل أبو بكر إلى عثمان بن عامر أبي قحافة .

تسلل إلى أبيه لعله يصيب من هذا الخير وينشرح صدره بهذا الدين .

فأقبل أبو بكر بوالده يقوده، وفي رواية يحمله حتى وضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قد احدودب ظهره وأبيض شعره فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا بكر، ألا تركت الشيخ حتى أكون أنا الذي أمشي إليه قال يا رسول الله: هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ووضع يده على قلبه ثم قال: يا أبا قحافة أسلم تسلم، قال فأسلم وشهد شهادة الحق، فأكرمه بالإسلام، ثم لم يزل في مكة حتى توفاه الله بعد ابنه الصديق في خلافة عمر وتتابع شرف الصحبة في أربعة من عقبه رضي الله عنهم أجمعين

أيها الإخوة: ما نريده في وقفتنا هذا الخلق العظيم (ألا تركت الشيخ حتى أكون أنا الذي آتيه) إنه توقير الكبير خلق نبوي .

فكيف إذا جمع مع كبره وشدة ضعفه كونه مسلما قد بدت شيبته؟

وقد ثَبتَ عَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: " إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ " رواهُ الإمامُ أَحمدُ.

فكيف إذا كان هذا الكبير أباً أو أماً أو جداً أو جدة ؟

الله أكبر  إنهم بركة البيوت، وسكينة الدور بهم يستجلب الرزق، وبعبادتهم ودعواتهم تنتشر الرحمة وتطرد الشياطين .

فتنبه أن يفوتك شيء من أجر برهم، أويسبقك أحد إلى الإحسان إليهم (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)

الأخ المبارك: لم تُقصِر في مراعاة ضعفه البدني فأنت تمسك بيده، وتحتاط لما اختل من توازن جسمه، وبقي عليك أن تتفطن لضعف نفسيته، واختلال توازن مزاجه، فهو يريد وفجأة لا يريد .

ضعف اختياره، وتردد قراره

فأعد إليه ثقته بنفسه، وراع خاطره، وصوب قوله واستحسن فعله فيما لا إثم فيه، ولاقطيعة لارحم .

احذر أن يشعر أنك استغنت عن مشورته، ولم تعد بحاجة إلى رأيه

اعرض عليه ما ترددت فيه بنفس متطلعة إلى تجربته، وخبرته حتى وإن كان قد يصعب عليه ما تريد فيه مشورته !

فمن الاستشارات ما يكون القصد منها الإخبار، وقد ترجح لديك الرأي والقرار، حينها سوف يشعر بأهمبته، وأنه لايزال يعطي، وليس ثقيلاً بين أفراد أسرته أو عبئاً على أولاده .

الثناء مفتاح النفوس المغلقة

فأثن على الكبير عندك في كل مناسبة كيف تعب في رعايتك، وحرص على تربيك، وصبر على ذلك وأنك عاجز عن مكافئة إلا بالدعاء مع تقصيرك فيه ؟.

وكيف أنك تجد أثر دعائه عياناً أحوج ما تكون إليه ؟.

قد يحتفظ بعض الأباء بمواقف ضعف مع أبنائه، أو إساءة منه إليهم فإياك أن تشاطره أنك محتفظ بما يحتفظ به بل أبد تجاهلها واعتذر له إن أصر أنك جزء فيما حصل ولك في يوسف عليه السلام أسوة حسنة حين يقول(من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) ولم يقل نزعكم الشيطان فشاركهم وهو لم يصدر منه شيء

أنقل إلى الكبير سلام من حملك السلام له وأَبدى رغبته بزيارته والجلوس معه فهذه تعني شيئاً كبيراً عنده في حين أنك قد لا تهتم بها .

فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق ...     أقول قولي هذا ..

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين ...

فقد يكون من إملاءات كبر السن أنه يستحي في أكله وشربه ولباسه، وقد يتوارى في ذلك فهنا تأتي حكمة الموفقين فلا تنتظر طلبه واجتهد في معرفة رغبته وتغافل عن مراقبته بعد أن تضع الشيئ قريباً من  تناوله وعلى مرأى منه فقد يترك الشيء ثم يعود إليه ، وقد يؤثر به غيره ثم يستأثر به .

أيها الموفق: قد تفوق الكلمة الحسنة وحسن المناداة، واختيار أطايب الكلام وما يدخل عليه السرور من الأخبار العامة والخاصة، وفتح الأمل أمامه وإبداء الشوق إلى أقاصيص ماضيه وأخباره السابقة وبداياته المشرقة التي يطرب أن يعيدها، ويأنس بتكرارها، ويبتهج بمن يبدي استماعا واهتماما بها قد تفوق هذه كثرة العطايا، وطول المجالسة وقبلات اليدين والقدمين .

يكلل هذا ويتوجه روح الاحتساب، ورد بعض الجميل فلا تصوير ولاتسنيب

وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله

واللهُ عزَّ وجلَّ يقولُ: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾

فاللهم اجعلنا من أهل الإحسان، الذين لايريدون في الأرض علواً ولا فساداً، للهم اجعلنا ممن يطول عمره ويحسن عمله، اللهم متعنا بأسماعنا  



التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:54 مساءً الأحد 26 أكتوبر 1445.